السيد العلم
...................
....................
مذ بُشِّرتْ وجلال النور يغمرها
والأفق آياته في عينها نِعَمُ

كل الفصول ربيعٌ حين تذكره
وللسعادة إمّا أنصتت نغم

فراشةٌ في فضاء الله سابحةٌ
ويشرق الفجر منها حين تبتسم

والنور عند انبلاج الفجر يحملها
إلى اليقين الذي تسمو به الأمم

محمدٌ قال فجرُ الوالهين به
فردد الكون هذا السيد العلم

تفجّرت من ينابيع الرضى عجباً
تحفها أمنياتٌ كلها دِيَمُ

أضاءت الأرض بالبشرى وقد حملت
أشواقها فوق ما تسعى له القدم

يا رب قالت مصابيح الهدى أملاً
ففاض منها الهدى وانهارت الظُلَمُ

ورددت مكةُ الألحانَ في ولهٍ
وضوَّعت بالعبير السهل والأكم

والعارفون أصاخوا سمعهم فرأوا
طيراً يصفّق في إقباله الحلم

يخطو على الأرض والآمال تسبقه
فالحب فوق ثراها الآن يرتسم

وقبله... الغنم العجفاء يرسلها
والأرض جدباء لا ترعى بها الغنم

فيكتسي عظمها لحماً ويشبعها
قليل زرعٍ فيملا ضرعها الدسم

و يغبط القوم من ضاقت بصحبته
يوماً فعادت لها الأيام تبتسم

وينقضي أجلٌ منها فَتُودِعَهُ
ببطن مكة حيث المجد والكرم

يسائل الغار ما سر الوجود وقد
أحاط بالكون ليلٌ عابسٌ نَهِمُ

اقرأ... محمد كان البرق أولها
والرعد في إثره والشك ينفصم

اقرأ.. محمد عاد الصوت يبعثها
في سمعه وله في روحه ديم

اقرأ ترددها روحٌ ويفهمها
اقرأ محمد هذا الوحي والقيم

خديجة الخير... إني خائفٌ وجلٌ
فزمليني فقلبي الآن ينقسم

رأيت ما لا ترى عيناي أو... سمعت
أذناني ما لا يحيط الوصف والقلم

لن يخزي الله من كانت مكارمه
جزءاً من الوحي يُستهدى ويُحترم

قم يا محمد أنذرهم فقد سدروا
في غيهم وبغوا في الأرض وانتقموا

أنذر فمكة ترجو والخلاص بدا
فأنت رحمتها المهداة لا النقم

يا مكة الطهر يا أهلي ويا سكني
عودي إلى الله لا يرجى بك الصنم

تباً يقول لك الباغي فيلجمه
رد الإله ونار الكفر تضطرم

في الشعب كنت رفيق الصبر ملتزماً
بوعد ربك لا تخشى وإن زعموا

في القدس في المسجد الأقصى وقفت بهم
مصلياً خلفك الأطهار والشيم

ورحلةٌ للسماوات العلى اكتملت
بها الفضائل والإيمان والقيم

على ثرى طيبة الإيمان عطَّرها
وأدبر الكفر والإجرام ينهزم

الله أكـــبــر في أرجائها صدحت
بها حناجر من آبوا ومن عزموا

هذا أبو جهل في بدرٍ وقد كسرت
رآياته وصروح الكفر تنهدم

وجندلته سيوف الحق ناصرةً
دين الإله وسيف الكفر ينثلم

يهود خانت وعهد الله قد نقضت
وتلك شيمتهم إن عدت الشيم

لا يؤمنون ولا ترجى مودتهم
في تيههم تبعث الأحقاد والنقم

شرد بهم كان أمر الله فانبعثت
لهم رجالٌ بعهد الله تلتزم

رهبان لـيلٍ إذا جن الظلام لهم
دوي إيمانهم في الكون ينتظم

وهم على صهوات الخيل ما خرجوا
إلى بريقٍ من الصبوات يلتهم

واتّابعت غزوات الحق ما ظلمت
يوماً ولا انبعثت للشر تنتقم

فغزوةٌ بعد أخرى لا يفارقها
عدلٌ ولا عن يديها الحق يخترم

حاشا النبي وحاشا فتيةً صدقوا
أن يشهروا السيف إلا حيثما ظلموا

وكيف!! والوحي يوم الروع رائدهم
ومن سعوا في سبيل الله ما وهموا

يا مكة الطهر عاد المصطفى علماً
وفتح مكة نور الفتح لو علموا

سيسقط الظلم والأصنام يكسرها
والعدل فوق محيا الأرض يرتسم

الله أكبر قال البيت مبتهجاً
وردت الدور والأشجار والأجم

وسبحت باسم باريها وقد عرفت
وقال أحمد لا ظُلْمٌ ولا ظُلَمُ

يا طيبة الخير عاد المصطفى وله
من الوفاء خصالٌ ما لها عدم

عاد الحبيب إلى أنصاره علماً
يوفي العهود إذا أعطى ويحترم

قفي.. هنا لحظةٌ أخرى قد انطفأت
بها المصابيح وانهارت لها القمم

وا رأس فاطمة الزهراء قد يتمت
فرددت طيبة الغراء والأمم

اليتم.... قد جمع الأسماء وامتلأت
به المعالم وابتلت به الذمم

يا فاطم الأرض لا تقوى مصافحةً
وقلبها من عذاب الفقد ينحطم

هنا سيدفن خير الخلق قاطبةً
محمدٌ خير من يُهدى له الكلم

هنا.. هنا سار والأنوار تتبعه
وأينما حل حلت بعده القيم

هنا المآذن تبكيه ويندبه
محرابه حيث كان العدل والكرم

يا ثاني اثنين هذا حين ترشدهم
فليس غيرك لا عُرْبٌ
ولا عجم....