رمضانُ ما شعَّ السَّنا لولاكا
وعلى وجُوهِ الصّائمين بهَاكا
وافيْتَنا وسكَنْتَ في وجدانِنَا
ونفحتنا عطراً فمَا أزكاكا
ذُقنَا جنَاكَ، وللنفوسِ تطلعٌ
غرثى تعبُّ، ولا تُرِيدُ فكاكا
حتّى غدا روضُ المحبَّةِ جنّةً
والروحُ أثمرَ طلعُها بِنَداكا
يا صاحبَ الألقِ المُسَافرِ في الدُّجى
أنت الذي عشقَ الهُدى فدَعَاكا
نبَّهتَ جفْنَ الكونِ من إغفاءَةٍ
ونفضتَ عن آفاقِه الأحلاكا
وفتَقْتَ من صْوَرِ الجلالِ روائعاً
دُرراً تفجَّرَ حُسنُها بِرُؤاكا
لمّا طلعتَ على امتِدَادِ عوَالمٍ
عبَقَ الهوى وهفَا إلى مغْنَاكا
فارْوِ العطاشى لا تكُنْ متوجساً
حاشا لدربِ النورِ أن يسْلاكا
رمضانُ لا تَلُمِ اللياليَ أنَّها
قد جفَّ ناديها هُنا وهُنَاكا
ومُعانِقَاً للدَّمعِ في آهاته
عصفَتْ بهِ أيامُه وبَكاكا
فتكَ الغيابُ به، وزاد أنينُه
وحنينُه جاثٍ على مرسَاكا
يرنُو إليكَ، وعينه تطوي المدى
ويطيرُ نحوكَ.. يطرقُ الأفلاكا
ماذا بكفِّكَ في جفافِ حُقُولهِ
إنْ ماجتِ النَّعمَاءُ في ريَّاكا؟
يا منْ بعثْتَ مشاعراً جيَّاشةً
فاحتْ مُعطَّرةً بطيبِ شَذَاكا
ما أروعَ الدُّنيا وزينتَها إذا
لونتَها بالسِّحرِ من دُنيَاكا
وجلوتَها للنّاسِ فتنةَ عاشقٍ
في مشهدٍ قد نمَّقتْهُ يَدَاكا
من كان أضناهُ الشقاءُ فإنه
لن يمسحَ الأحزانَ فيه سِوَاكا
حسبُ ابنِ آدم أنتَ تنفحُه تُقى
لو لم يكُنْ إلا التُّقى لكفَاكا
وكفاكَ يا رمضانُ أنّكَ مِنْحَةٌ
للعالمينَ مِنَ الذي سَوّاكا
جلّ الإلهُ الحقُّ في ملَكُوتِه
أولاكَ من نُعْمَاهُ مَا أولاكا

شعر / الحسين الحازمي
غرة شهر رمضان المبارك
1442هجرية