الغصن.
كلما ركعتُ، اصطدم رأسي بغصن شجرة معمّرة في حوشنا؛ غصنٍ غليظ من تينة، ملتوٍ على بعضه، عليه أوراق خشنة سرعان ما تسوَدُّ ثم تصفر، لكنها تأبى السقوط.
تعودتُ بعد أذان كل عصرٍ أن أفرش سجادتي التي جلبها لي جدي من مكة، أستقيم متجهًا إلى القبلة، ثم أشرع في أداء الفرض. ولا أتذكر ذلك الغصن البغيض إلا حين يخدش جبهتي؛ حينها أقرّر نزعه مباشرة بعد السلام... لكن، وبمجرد أن أطوي سجادتي، أُسارع إلى الانضمام إلى جماعة الحيّ التي يحلو لي الحديث معهم.
أحاديثنا كانت موسمية؛ فمثلًا، هذه الأيام، مواضيعها تدور حول عيد الأضحى وتفاصيله التي ذكرناها العام الماضي، بل الأعوام الماضية.
طلبت من أحد الحضور أن يعطيني منشارًا لقطع الغصن، فاعترض عليّ ثائرًا:
ـ كيف تقطع فرعًا من شجرة؟
شرحت له أنه يوجد في المكان الذي أصلّي فيه، فاعترض ثانية، ضاحكًا:
ـ غيّر المكان، أرض الله واسعة!
فكرت في نزعها كلها، لكن أمي المُسِنّة اعترضت عليّ، وأفهمتني أنه عمل مشين ولا يجوز. فاحتججت عليها بأنها شجرة لا تنفع في شيء: لا ظل، ولا ثمار! فلماذا الإبقاء عليها؟ وذكّرتها بأنها هي السبب في تشقق الجدران بفعل امتداد جذورها...
الشجرة باقية ما بقيت أمي حيّة، وحتى بعد موتها لن أجرؤ على اجتثاثها، لأني أخاف أن تغضب مني وهي في قبرها.