إطلالة سادسة

يوشِكُ هلالُكَ السَّادسُ أن يطلَّ من شُرفةِ بهائِهِ عابرًا خطوطَ الوجعِ ، ومازالَ الأحمرُ النَّازفُ يبحثُ عن مأوىً بينَ شقوقِ الخطايا الممتدَّةِ على أديمِ المسافات .
هناكَ - حيثُ لم تعدْ تشرقُ شمسٌ دونَ أن تستأذِنَ الغمامَ الملبَّدَ بظلالِ الليل – للموتِ خصائصٌ لا يدركُها سوى القابعينَ بينَ شَمالِ الدَّمعِ وجنوبِ الآه ..
هناكَ - حيثُ تتمدَّدُ الصَّرخةُ لتشملَ الحجارةَ والتُّربةَ والجذور - تتدثَّرُ البقيَّةُ بما تبقَّى من فرصِ البقاءِ ، وتتوسَّدُ كلَّ أسبابِ الفناء .
هناكَ أيُّها القادمُ الجميلُ .. تستدركُ اللغاتُ ما فاتَها من قواعدِ الحوارِ ، والسياسةُ ما غابَ عنها من بنودِ المساومةِ ، ويرفعُ الحسابُ سقفَ أصفارِهِ ، وتتبرَّمُ العلومُ من مخزونِها المُتخمِ بأوهامِ النَّظريات ..
وحدَهُ التَّأريخُ من يفتحُ صدرَهُ للمزيدِ من قصصِ الحضاراتِ الموغلَةِ في نوايا الاختفاء ، ولا يحرجُهُ نبأُ طمْسِ النُّورِ ، أو وأدِ النُّفوسِ الموجَّهةِ للهدفِ .. ولا يؤرِّقُ صفحاتِهِ البيضاءَ التهامُ نقاءِ الياسمين !
يوشِكُ هلالُكَ السَّادسُ أن يُريَنا العِبرةَ، ويعلِّمَنا التماسَ انبلاجِ الحسَنةِ من رحِمِ الذنوب ..
فمرحبَا أيُّها السَّاكنُ في ثنايا النَّبضِ ، والمضَمَّخِ بعبقِ الرَّبيعِ الذي تأخَّر هبوبُه..
لعلَّ فيكَ أيُّها المخضَرُّ بصيصَ سَحَرِ يمهِّدُ لانتفاضةِ رمادٍ وقيامِ عنقاءَ ، أو حلمِ ابتسامةٍ أضاعَتْ دربَ شفاهِ الأمل ..
أو لعلَّ منكَ تكبيرةً يؤذِّنُ بها مغربٌ يصارعُ جيوشَ الفتنةِ منذُ ألف جوعٍ رهيب !!!