أهلا و سهلا و مرحبا حياك الله و أرجو لك قراءة ممتعة !
وصية مجاهد
أماهُ ، إني راجــعٌ لبــلادِي
إني رأيتُ العـــارَ يذبحُ أمتِي
فتفـتَّتْ من حسـرةٍ أكبـادي
نـارٌ تَأَجَّجُ في ضـميرِي كلما
أبصرتُ سيما الذلِّ فوق بلادي
طمعَت كلابُ العـالمينَ بعرضِنا
و استأسـدتْ لتـناومِ الآسـادِ
كلِّي ينوحُ على عصورٍ صوحت
في القدسِ أو في السـندِ أو بغـدادِ
أو في ريـاضِ الصِّينِ أو غرناطةٍ
صـورٌ من الآيـاتِ و الأمجـادِ
كانت عرائسَ من جمالٍ زفَّها
جيـلٌ من الأجـدادِ للأحفـادِ
ضاعت من الكفِّ التي ما أتقنَت
ضربَ السيوفِ و لا ركوبَ جيادِ
ضاعت من العينِ التي ما أدركَت
عنـد التــلاوةِ آيـةَ الإعـدادِ
ضاعت من القلبِ الذي في لحظةٍ
لمَّـا يحــدِّث نفسَــهُ بجهـادِ
لكنَّـه أمســى يذوبُ تلهفًـا
من جيــدِ ليلى أو عيونِ سُعـادِ
يا ليتني أصحــو و تصـحو أمتي
وتهبُّ نارًا بعد طــولِ رقــادِ
تُلقي جنـاحَ العزِّ فوق عدوِّهــا
وعلى أحبَّتِـهــا جَنـاحَ و دادِ
و تعيدُ من ماضي الزمـانِ مآثـرًا
فيزفُّهـا الأحفــادُ للأجــدادِ
أماه ، أعلمُ أن حلمَـك أن تـرَي
عُرسي غدًا ... و تهدهدي أولادِي
لكن تُرى ماذا أقـولُ لهـمْ إذا
شبَّ الصَّبيُّ و قال : أين بلادِي ؟
أأدسُّ وجهِي منه ؟ أم أحكِي له ؟!
نـارانِ يا أمـاه في إيقــادِ
إن كنتُ قد غالبتُ طفلِي لحـظةً
فغلبتُـهُ أتُرى أخـونُ فؤادِي ؟!
نبضِـي يهزُّ جدارَ صـمتِي كلما
جسدي ارتدى ،كذبًا،رداءَ الهـادِي
و تمـزقُ الدَّقـاتُ سمعي عنــوةً
كطبولِ حربٍ دقَّهـن الحــادِي
و يثورُ ألفُ تسـاؤلٍ و تسـاؤلٍ
في خاطري و يطولُ ثوبُ حدادِي
ماذا تراهُ يقولُ عـنِّي خـــالدٌ
و قتيــبةٌ و بقــيةُ القـوادِ ؟!
بذلوا الدِّماءَ رخيصـةً بجهـادِهمْ
و أنا هُنــا لم أنتـفض لجـهـادِ
و رضيتُ بالذُّلِّ الذي ما اعتـدتُهُ
غالبتُ نفسِي ثمَّ قلتُ : اعتادِي
همِّي الرغيفُ وكيف أُرضِي رغبتِي
وأحـوزُ ما يبدو بـِهِ إسعـادِي
تهنـا بوادي التِّـيهِ دهرًا كـاملا
فمتى سنخرجُ من حدودِ الوادِي ؟
آهٍ و هل يُجـدي التـأوهُ أمـةً
نامَت ومـا للصَّحوِ من ميعادِ ؟!
مليونُ مليونٍ و مـا من جـعفرٍ
أو عقبـةٍ أو طارقِ بنِ زيادِ ؟!
مليونُ مليونٍ و مـا من باعـثٍ
حلمَ النُّهوضِ و ليـسَ ثمَّ منادِي ؟!
إلا القليـل يجاهدون ، نهـارُهمْ
هـمٌّ و ليلُـهُمُو سـوادُ سُهـادِ
حملوا المشـاعلَ في ظـلامٍ دامسٍ
و مشـَوْا على الأشـواكِ للإرشادِ
أماه ، إنِّي ذاهـبٌ .. فتمسَّـكي
و احكـي هـوايَ لرائحٍ و لغادِي
و إذا رجعتُ إليـكِ يومًـا جثَّـةً
فتبسَّمي و استقبـلي عُــوَّادي
لا تقبلي فيَّ العـزاءَ و أظهـري
لهمو السُّـرورَ و أعلِني ميـلادِي
قولي لهمْ : غلبتهُ داعيـةُ الهـوى
فأجـابَ أمـرَ اللهِ في استـعـدادِ
و مضى ليحفرَ في الصُّخورِ طريقـةً
للســائرينَ بلا هـدًى أو زادِ
و يردَّ من ضلُّوا إلى سبـلِ الهـدَى
هـادٍ هـدى لما هـداهُ الهـادِي
أمـاه ، إني ذاهـبٌ .. فَتَصَـبَّري
و ترقَّبي نصرِي .. أوِ استشهادِي
شعر : محمود آدم