غضبة الأحزان
تمزقني الأوهام و الوهم خنجر
و تشتبه الأيام لا أستبينها
سواء على عيني آت و مدبر
و إني كلا يومي بالحزن نابض
ففي أي يومي الحزينين أصبر
ردائي من الآهات قد تم نسجه
و لي من عذاباتي قميص و مئزر
أنوح فينساب الأسى في ملامحي
فما نوحة الثكلى كأخرى تؤجَّر
و تبكي معي الأطيار فوق غصونها
و تنتحب الأغصان فالعود أصفر
و يسقط هذا الغصن بعد هياجه
حطاما من الهم الذي كان يضمر
تأثرت الأشياء من هول ما ترى
فمال قلوب الناس لا تتأثر
فلو أن في تلك القلوب حجارة
لفجر من تلك الحجارة أنهر
و لكن من يعرض عن الذكر ميت
و لو كان مثل الناس ينمو و يكبر
يسير كما الأعمى و لو كان وجهه
له ألف عين إنما ليس يبصر
أنا شاعر الأحزان كل قصائدي
بدمع الحزانى حين يبكون تسطر
نحت على الصخر العنيد قصيدتي
و أنبت قلبا للذي ليس يشعر
قصيدي على موج البحار فكلما
تدفقت الأمواج يطوى و ينشر
سرى في عروق البحر غضبة هائج
فمنه مياه البحر ترغي و تهدر
و منه سرى في الجو لفح حروفه
صواعق لا تبقي و رعدا يزمجر
و من حره وقد الشموس و لفحها
و منه تثور الريح و الريح صرصر
و من رجفه يأتي الزلازل رجفها
و من ناره نار البراكين تفجر
و منه استمد النسر في الجو بأسه
و منه ليوث الغاب في الغاب تزأر
انا غضبة الأحزان ليس لغضبتي
حدود فلا أبقي و لكن أدمر
و سيفي على نوم النيام مسلط
لعلى على بعث الإرادات أقدر
وقفت أمام السيل لا مترددا
و لا أنتحي جنبا و لا أتقهقر
أحاول أن أثني الرياح عن الذي
نوته و أن أثني السما حين تمطر
و بي من قوى الإيمان عزم يقودني
إلى أننا يوما سنعلو و نظهر
و لكنني آبى تأخر أمتي
على أمل البشرى فقد تتأخر
و أحوالنا رهن بحال نفوسنا
يغيرها الله إذا نتغير
أنبقى ذيول القوم و القوم أرؤس
و نبقى صغار الناس و الناس تكبر
نربي لأجل السوم كل خيولنا
و كانت على فسطاط كسرى تغبر
و نكسر من أجل السلام سيوفنا
أتسلم لو كانت سيوفك تكسر
يعلمنا الإسلام أنا أعزة
نعز و لو أن الخلائق تصغر
و نصبح في وقت السلام حمائما
و لكنا بين العدا نستنسر
فعودوا إلى الإسلام عودة مخلص
و من نبعه الصافي اشربوا و تطهروا
لعل بقايا الرجس فوق عيوننا
تزول و ينمو في الجديبة أخضر
لعل بقايانا تلملم نفسها
و ننمو على صدر الزمان و نثمر