بينما يلتقط النهارُ انفاسَه الاخيرة .ويشقّ صدر الهدوء ضجيجٌ رجالٍ يقترب من بعيد سَبَقَهُ ألاعلان بعَزْفِ الرصاص . أطلّت بوجهها المتعب من لغوب الانتظار ، تحمل ذاتَ الصُرّة المبهمة .. متأمّلةُ تتوسط باب بيتها المشرف على زقاق الحي.تتمثّلهم والأمتار تقلّ تباعاً.
كانت كل عبارات الأعين تتوسّلُ ، ليتها دخلت !
لكن وجوهَ صحابته ومخالفةَ المعتاد بعودتهم في هذا الوقت ، وغيابَ هلال الجَمْعِ بياناً صرّحَ باستكمالَ العِدّة عن طولِ سؤال.! فأبَتْ قطْعاً..
وأذا بالحشد توقف بين يديها .. شاخصةً تفتح صُرّتها ، تستخرجُ حلوى عرسهِ المحفوظة منذ أمد ، تنثرها فوق الجثمان ورفقته بثباتٍ زلزلَ في حناجرهم دويّ التكبير والبكاء ليُطْبِقَ على الموقفِ صمتٌ عجيب....
تحمل ساقيها الراسختين في الارض كالنخيل بخطوتين صدحتَا بالحزن فالكبرياء تضمّهُ وتشمّهُ وتقبّلهُ ، وتمسحُ على رأسه المضرج بالدماء .... قائلةً:
(وْلِيْدي ...... والله لو راجعلي تمشي ما خليتك تفوت)*1
تمرّد الدمعُ من عينيها فأغمضتهما مع شهيقٍ طويل ، مولّيّةً وجهها صوبَ الجَمْعِ وراحت تُطْلِقُ الزغاريدَ وتهتف فيردّدُ بعدها الجميع :
(ها خوتي هاااا ...........
-عِرّيْس وْرَبْعَه يْزِفّوْنَه..
-عِرّيْس وْرَبْعَه يْزِفّوْنَه..
-عِرّيْس وْرَبْعَه يْزِفّوْنَه )*2



* المكتوب بين الاقواس باللهجة العراقية
ويعني :
*1 = يا ولدي لو عدتَ ماشياً على قدميك ، لحرمتك دخول الدار.
*2 = من الاهازيج الشائعة في العراق لحظة زف العريس الى عروسته.