جنون الشـظايا

د.نبيل قصاب باشي

طاشَ "شـــامُ" الهوى وطاشَ بنوهُ====أَتُراهمْ بمَا جَنَى روّعُوهُ؟!

أَتُراهمْ ســاقُوهُ للموتِ هيمـانَ ؟ أيخشى وِرْدَ الرَّدَى عاشقُوهُ؟!

كيفَ يخشى الرَّدَى رجالُ المنايا=====وهمُ الموتُ طالما هزمُوهُ

غير أنَّ الجُناةَ جُنَّ جنونُ البغيِ فيهمْ و قادَهمْ مَعتُوهُ

زرعوا الشر في نفوسِ البرايا ===== فجنَوْا شرَّها بما حصدُوهُ

جوَّعُوها فهبَّ صارخُها المجنونُ يغلي لظىً بما جوَّعُوهُ

جرّعُوهُ الزقَّومَ صَاباً زُعَافاً=====وجحيمَ الحياةِ قدْ صلُّوهُ

حرقُوا حُلْمَهُ بجمْرِ الشَّظايا======وَبنارِ الحريقِ قدْ كفّنُوهُ

قتلُوا العقلَ حينَ ظنُّوهُ عَدُوَّاً لدوداً يعي الذي جَهِلُوهُ

أفسدُوا النفسَ كي تموتَ سـجايـاها ويحيا ما كانَ قدْ أفسدُوهُ

جعلوا البعثَ حُلْمَ كُلِّ وضيعٍ=======فإذا شانَهُ الخَنَــــا رَفعُوهُ

وإذا اشتَطَّ في هَواهُ مُسِـفاً=====في الدّنَايَا ؛ عرشَ العُلا نَصَّبُوهُ

زيَّنُوا روحَهُ بكلِّ قبيحٍ=====ثمّ غالَوْا في مَدْحِ ما قبّحُوهُ

لقَّنُوهُ أنْ لا إلهَ سوى البعْثِ يُرَجَّى عَنَا لَهُ مُؤمنُوهُ

قائدُ البعْثِ ربُّهُ ليسَ في الأرضِ مَليكٌ كمثْلِهِ عبدُوهُ

قتلُوا كلَّ آبقٍ و كفورٍ=======لمْ يُمجِّدْهُ بالمحامدِ فُوهُ

خلَّدُوه كأنَّهُ اللهُ يُرْجَى=====ثمَّ في باطنِ الثّرى ألحدُوهُ

ليسَ في الدّينِ مأربٌ دونَ ما يهوى ولو حافَ أو غَوَى مُفتُوهُ

دينُهم بعْثُهمْ و مَنْ شاءَ أنْ يرتدَّ يُنْفَى في الأرضِ مُرتَدُّوهُ

أو يذوقَ الأوْباءَ منْ وَجَعِ العيشِ ولو ماتَ أهلُهُ وذَوُوهُ

أوجعَوا سمعَهُ ببُوقِ نشيدِ البعْثِ حتَّى ملَّ المدى مُنشدُوهُ

وإذا شاءَ أنْ يُصلِّيَ للهِ ففي نارِ بعْثِهمْ دَعُّوهُ

وإذا شاءَ أنْ يُقدِّسَ "يُوحَنَّا و َ مَتَّى" ذلُّوهُ أو صَلبُوهُ

ورجَوْا منْ صلاتِهمِ سجدةً للهِ لكنْ منْ دُونِ أنْ يعبدُوهُ

ليسَ في الأرضِ مالكٌ أو مليكٌ=====غير ُهُ ساجدٌ لهُ عابدُوهُ

ورفيعُ الخلال سامُوهُ ضَيْماً===== وبقَيـْدِ الإمـلاقِ قدْ كبَّلُوهُ

و سَقَوْهُ "أفيونَهُمْ" بالتمنّي=======وبهمِّ الحيـاةِ قدْ خدَّرُوهُ

دوّخُوا رأسَهُ بنَيْلِ الطُّموحاتِ فأضْحَى يلتاثُ ما دَوَّخُوهُ

قتلُوا في طموحِهِ شهوةَ المجْدِ وفي رِبْقةِ المُنَى سجنُوهُ

وإذا ما ارتجَى الكرامةَ حراً====== أزهقُوا في الحياةِ ما يرجُوهُ

ليسَ يُرْجَى لهُ سوى الموتِ خزيانَ ويحيا بموتِهِ حاكمُوهُ

و أغلُّوا الصدورَ بالمكْرِ حتَّى=======ضاقَ مكْرُ الورى بما غَلُّوهُ

كم تهاوتْ بنا المروءاتُ حيْرَى====== والحليمُ الحكيمُ كمْ حيَّرُوهُ!

أيُّ شيخٍ لم يعصفُوهُ رماداً======أيُّ طفلٍ هناكَ لمْ يحرقُوهُ؟!

عَجِبَ اللهُ كيفَ يَعْصِفُ بالطفْلِ شُواظٌ رمى بهِ عاصفُوهُ؟!

ليسَ للطفلِ عندَهُ إنْ تجنَّى==== مَأْثمٌ يُرْتجَى فَلِمْ قَتَلُوهُ؟!

لِمْ رمَوْهُ في نارهمْ ؟ أيُّ ذنبٍ====قدْ جَناهُ ؟ ولِمْ ولِمْ خنقُوهُ؟!

لِمْ أحدُّوا السكينَ في نحرِهِ الغضِّ أَيُرضِي الوحوشَ ما اقترفُوهُ؟!

ليسَ للطفلِ إنْ قضَى غيرُ عَدْنٍ====تُرْتجَى أمـُّهُ لها و أبـوهُ

طالمَا طالمَا استكانَ ضعيفاً=====وتربَّى على الهوانِ بَنُوهُ

مزَّقُوهُ برشوةِ العيشِ والطيشِ وفي مِيعةِ الخِنَـا غرَّرُوهُ

ضاقَ رحْبُ الأحرارِ بالقمْع ِ والرَّوْعِ وأخنَى بالفِكْرِ مُعتقَلُوهُ

وتصدَّى الباغونَ بالفتْكِ والسفْكِ وقالوا : تمرُّدٌ مَشبُوهُ

خائنٌ مارقٌ يُجنِّدُهُ الإرهــــــــــــــــــــ ـابُ فامْضُوا لقهْرِهِ واقْتلُوهُ

زعمُوا الموتَ يهزِمُ الماردَ المِغْوارَ لكنْ قدْ خابَ ما زعمُوهُ

هبَّ أحرارُ شامِنَا يقهرونَ الموتَ حتّى أعيا الردى قاهروهُ

أيُّها المُشتهِي فنائي أنا الموتُ تهاوى في لحْدِهِ مُشتَهُوهُ

غيرَ أنَّ الرَّدَى يُماطلُ أحراراً و يشتطُّ في الرّدَى صانعُوهُ

ليسَ في الأرضِ مُجرمٌ يعشقُ الذّبحَ ويُثني عليهِ جزّارُوهُ

لا يريدونَ للشّآمِ حياةً======بلْ دمـارٌ يريدُهُ مُجرمُوهُ

كلَّ يوم ٍمحافلُ السِّلْمِ تَتْرى===ودعاةُ السـّــلامِ مُحتربُوهُ

كم تنادَوْا لنَصْرِهِ بحقوقٍ=====ذبحُوها بما جَنَى ناصرُوهُ

وَعَدُوهُ بنُصْرةِ الحقِّ لكنْ=====في دهاليـزِ مَكْرِهِمْ خَذلُوهُ

فمضَى لاجئاً إلى اللهِ يدعُو======ليسَ إلَّاكَ ناصراً أَدعُوهُ

أنا وَحْدي هنا ووحْدَكَ يا ربّي ملاذي ســــــــــواكَ لا أرجُوهُ