هوية تكفيري

بيني وبينه مسافة تربو على المائة متر، زحفتُ نحو مكمنه بعد منتصف الليل، لم نتمكن منه ؛ كان يقنصنا من هناك محترزا خلف جدار اسمنتي مرتفع.
زحفتُ حتى وصلتُ أسفل فوهة بندقيته النافذة من خلال الجدار بينما هو منشغلٌ بتذخيرها، كتمتُ أنفاسي، وفي نفسي دعاء وتضرع وحذر، دنوت حتى توسد خدي تراب الأرض؛ ما أطيب رائحتك أيها التراب، كأنه عطر الحبيبة، ودعتني بعبرتها وعلى الزناد تناثر رذاذ عطرها والدموع، طوقتْ بندقيتي بخصلة شعرها وقالت :" تذكر جدائل طفلتنا التي وئدوها في ساحة المدرسة، تذكر جارتنا الحبيبة التي أحرقوا عليها بيتها؛ لأنها تحب السيد المسيح، تذكر عشق دجلة للفرات، وبابل لسومر، وحمورابي الذي شرع القوانين على هذه الارض، تذكر حبيب وزهير وعابس يوم الطف، ثم توكل على الله وانخه أخو زينب".
قبّلتُ بندقيتي فراحت تهلهل في الظلام عندما مسحتُ بسبابتي دموع حبيبتي، فرأيتُ القبح عن قرب؛ مسخٌ قادمٌ من مملكةِ الجهلِ والظلام، وجهٌ بلا ملامح، وجسدٌ بلا روح هوى برشقة واحدة، فتشته فوجدت في جيبه مصحفاً صغيراً ملفوفاً بعلمٍ إسرائيلي.


محمد مشعل 21-6-2014