تُكَلِّفنِيْ مَا لَا أُطِيقُ لهُ حَمْلَا وَتَحسبُهُ مِنْ بَعدِ حَمْلِيْ لهُ سَهْلَا
فَإنَّكَ لَو فَتَّشْتَ فِي دَاخِليْ تَرَى فُؤَادِيْ وأَعضَائِيْ جَمِيعَهمُ قَتْلَى
ولَكنَّنَيْ حَاوَلتُ إِخْفَاءَ عِلَّتِيْ لَعلِّيْ أَنَالُ اليَومَ مِنْ صَبرِيَ الفَضْلَا
لِتَأتِيْ إِلَى وَصْلِيْ تَمُدُّ يَدَ الهَوَى كَمَا عِشتُ عُمْرِيْ كُلّهُ أَطلُبُ الوَصْلَا
لَقَدْ لَامنِيْ العُذالُ حَتَّى سَمعْتهُمْ يَقُولُونَ : مَجنُونٌ ولَمْ يمْتَلِكْ عَقْلَا
أَتَعشَقُ يَا مَجنَونُ مَنْ لَيسَ عِندَهُ مِنَ الحُبِّ مَا يُعطِيكَ ، قُلتُ لَهُمْ : كَلَّا
دَعُونِي أَيَا عُذَالُ إنِّي أَرَى بِكُمْ قُلُوبًا عَلَى المَحبُوبِ قَدْ مُلِئَتْ غِلَّا
حَبِيبِي ، وَ إنْ جَازَيتُ بالصَّبرِ بُعدَهُ فَذَاكَ لأَنِّيْ لَا أَرَى غَيرهُ خِلَّا
تَعَالَ وَلَمْلِمْ مِنْ سِنِينِيَ مَا مَضَى وَرُدَّ لِيَ العُمْر الذِي فِيكَ قَدْ وَلَّى
إِذَا كُنتَ أَرْخَصْتَ المَوَدَّةَ بَينَنَا فَمَا نَقَصَ الوُدُّ الذِيْ فِيَّ أَوْ قَلَّا
وَمَا كُنتُ أَشكُوكَ الفِرَاقَ مَلَالَةً وَمَا ضَاقَ قَلبِيْ مِنْ فِرَاقِكَ أَوْ كَلَّا
وَلَولَا يَقِينِي مِنْ رُجُوعِكَ لَمْ أَكُنْ سَأَرْضَى بِطُولِ الهَجرِ أَوْ أَقبَلِ الذُّلَّا
وَلَكِنَّنِي أَخْشَى إِذَا طَالَ بُعدُنَا بَأَنْ يَقْطَعَ الهِجْرَانُ مَا بَينَنَا الحَبْلَا
فَأُصْبِحُ مَظْلُومَا وَتُصْبِحُ ظَالِمَا وَأَعْدِلُ فِي حُبِّيْ وَتَحْرِمُنِي العَدْلَا
لِهذَا لأَجْلِ الحُبِّ فَجَّرْتُ خَافِقِيْ وَأَجْرَيتُ ماَءَ الحُبِّ تَنْهَلهُ نَهْلَا
وَقَدَّمْتُ رُوحِيْ فِي يَدَيكَ هَدِيَّةً وَهَلْ بَعْدَ بَذْل الرُّوحِ تَسْألُنِي البَذْلَا ؟!
سَأَرْعَاكَ لَوْ أَبْلَى الزَّمَانُ غَرَامَنَا فَحُبّكَ فِي قَلْبِيْ وفِي الرُّوحِ لَنْ يَبْلَى
وَأَحْفَظُ مَا ضَيَّعْتَ مِنِّيْ لِأَنَّ لِيْ ثَلَاثِينَ عَامًا والمَشَاعِر بِيْ حُبْلَى
عَسَى بَعْدَ طُولِ الصَّبرِ يَأْتِيْ مَخَاضهَا عَلَى كَفِّ أَقْدَارِيْ وَقَدْ وَلَدَتْ طِفْلَا




