رقّ الفـؤادُ فمـا أشــدّ هــواهُ ومِن الجفـا والهجـر مـا أضنـاهُ
هالـتْ عليـه خطوبَهـا ونوائبـاً والبَيـنُ بعـد البيـن قـد أعـيـاهُ
لمْ يدرِ ما طعمُ الهوى حتـى هـوى فهـوى بهُـوّةِ عشقـهـا لـهـواهُ
مـا كـان قلبـي للجـوى مُتلفّتـاً حتـى رأتْ فيهـا الجـوى عينـاهُ
رصَعتْ بميسِرها صميمـاً مُقفـلا ً فتفتّـقَ العقـلُ الجـريـحُ نُــواهُ
عجزتْ جميـعُ الفاتنـاتِ تجـاوُزاً قلبـا ً تغلّـقَ فـيـه مِصـراعـاهُ
لكنّهـا فجّـتْ مـشـارفَ بـابـهِ مُـذ أن رأى سحـرا ً لهـا نـاداهُ
عظمتْ جيـوشُ العالميـنَ تجبّـراً حتـى لقـد قــالَ الــورى أوّاهُ
وأتَوا على القلـب المُتيّـم فاتحـيــ ــنَ لينشروا الديـنَ الجديـدَ قضـاهُ
لكـنّ حِصنـا ً للحبيبـة قـد أبـى فارتـدّ عاديهـا يَـجُـرّ خُـطـاهُ
فعَلتْ على عرش الفـؤاد وأعلنـتْ نادتْ بأعلـى الصـوتِ أن أهـواهُ
فترقرقـتْ عَبَـراتُ لُـبّ جَنـانـهِ نزفتْ دموعـا ً مـن دمـاء جـواهُ
وتدمدمـتْ أركانـهُ مـن حُبّـهـا فمضـى يُـردّدُ شعـرَ "واشوقـاهُ"
قالـتْ أحبّـكَ زلـزلـتْ بُنيـانَـهُ لكأنّهـا كـفّ القـضـاءِ سَـفـاهُ
رشقـتْ مقولتُهـا السقيـمَ نبالَـهـا مِـن ثغرهـا سبحـان مَـن سـوّاهُ
قد عزّ مَن صاغ َ الجمالَ وسحرَهـا سبحـان ربّـي مـا أجـلّ عُـلاهُ
رشفتْ ذيولُ الشمس مِن حسن ٍ لهـا وتشـرّبَ البـدرُ الجميـلُ حَــلاهُ
بثّتْ سموما ً للصّبابـةِ فـي دمـي وهُيامُهـا يسـري فمَـن أسـراهُ؟
صـبّ ٌ رقيـقٌ منـه أُرّقَ مُوسِـنٌ والمُـرّ مِـن مُـرّ النـوى أشقـاهُ
فاضَ الحنيـنُ بـه وأغـدقَ دمعُـهُ مَن ذا تُـرى يـا دمـعُ قـد أبكـاهُ
قد تـاهَ عشقـي فـي ثنايـا قلبهـا والسّهمُ خابَ وصـابَ مـا أخشـاهُ
فإلى التـي سلبـتْ فـؤادا ًَ مُدنَفـاً أرجوالوصـالَ ومـا قـد اعتدنـاهُ
كـان الوصـالُ مُلملمـا ً أشلاءَنـا فغـدا مـن الإجحـاف مـا عُذنـاهُ
ماذا تبـدّلَ فـي الزمـان خليلتـي زمـنُ الوصـال ذوى فمَـنْ أذواهُ
فبلـى القـويّ وألغفـتْ نظـراتُـهُ مُتأمّـلا ً مـا فـي الهـوى نلنـاهُ
فلقد شربنا الراحَ في كـأس ٍ معـاً خـمـرا ً تـزيّـنَ لـلأنـام دَواهُ
صبّا ً كُميتـا ً قـد تعتّـقَ شَربُهـا يـا ليتنـا فـي الحـبّ مـا ذقنـاهُ
والوجْدَ ريـحُ المسـك فـي طيّاتـهِ الوجـدُ كالصبـح النـديّ ضحـاهُ
لمّا رأيـتُ مِـن العيـون قرينَهـا خَفَـتَ الجـنـانُ ورمشُـهـا أوداهُ
قصَفـتْ بمقلتهـا فـؤادا ً خائفـاً يـا ويحهـا فالقصْـفُ قــد أرداهُ
دكّتْ حصونا ً بالسيـوف تسـوّرتْ فتفلّـلَ العضـبُ القـويّ ظـبـاهُ
بلغ الجمـالُ كمالَـهُ فـي حُسنهـا بلغـتْ مِـن البـرْق المُشـعّ سنـاهُ
فالشعرُ ليـلٌ فـي الظفائـر ظلمُـهُ ينسـابُ مثـل النهـر فـي أيّــاهُ
والقلبُ يرجُفُ والدمـوع سَحوحـة ٌ يـا ويلـهُ مَـن بالصّبـا أذكــاهُ
خضنـا ببحـر العاشقيـنَ عُبابِـهِ والخطبُ فـي الصّحـرا تجاوزنـاهُ
عانقتُهـا عانقـتُ فيهـا هائـمـاً وغرامُها فـي القلـب بـثّ خُطـاهُ
بقدومها ذا الصيـفُ أورق زهـرُهُ والهجـرُ بعـد الوصـل قـد أذواهُ
ماذا جرى هل قـد سلانـي قلبُهـا هـذا حـرامٌ هـل سـلا تـقـواهُ
طهـرُ القلـوب محبّـة ٌ لمُتـيّـمٍ الـحـبّ هـــذا للسـقـيـم دَواهُ
"الحُبّ سرّ فوق وصـف حروفهـمْ" قـالـوا, ولكـنّـي أرى معـنـاهُ
الحـبّ تجربـة ٌ تعاظـمَ قـدرُهـا ذلّ العزيـزُ لهـا فـمـا أبــلاهُ
لكنّـهُ حُـلـوٌ وطــابَ مـذاقُـهُ وسلو المُجـرّبَ عنـهُ مـا أحـلاهُ
الحُبّ قـد ضـاقَ البيـانُ بوصفـهِ لكنّـنـي أدركــتُ مــا ألـقـاهُ
يا قارئيـنَ الشعـرَ هاكـمْ قصّتـي "القلـبُ رقّ فمـا أشــدّ هــواهُ"
جـاءتْ بـلا ميعادهـا مُختـالـة ً تمشي الهُوينى فـي حـلاكِ دُجـاهُ
فنظرتُهـا فرأيتهـا فــي حُـلّـةٍ أبهـى مِـن القمَـر البهـيّ حَـلاهُ
فتسارَعَـتْ دقـاتُ قلبـي رقّــة ً وفتئـتُ أنعِـمُ, مـا الـذي ألـقـاهُ
نبَستْ شفاها كيـفَ حالـكَ ألهَبَـتْ فـيّ الهُيـامَ فقـلـتُ واعشـقـاهُ
فتعَجّبَـتْ قالـتْ أتعشقُنـي أيــا؟ مـاذا سألـتِ القلـبَ يـا أختـاهُ؟
فهززتُ رأسـي بالقبـول فأقبلـتْ هَمَسـتْ بأنّـكَ أنـتَ مَـن أهـواهُ
هـل تذكريـنَ خليلتـي أنّـي أنـا مَـن قلـتِ أنّ الـروحَ لا تنـسـاهُ
دارتْ سنـونٌ بعـد ذلــك كـلّـهِ لأرى جفاهـا بــل أذوقَ لـظـاهُ
دارتْ رحاها فـي الهـوى فتفتتـتْ أعـضـاؤهُ وتعـقّـدتْ شـفـتـاهُ
عجز القصيدُ وحرفُ شعري قد هوى يـا ويحـهُ مَـن ذا الـذي أ هـواهُ
قد كـانَ شعـري للأنـام حـلاوة ً بل كان عنـدي منـه مـا أزكـاهُ
عِندي البديـعُ مـن البيـان ولؤلـؤٌ كالكوكـب الـدّريّ شــعّ سَـنـاهُ
يطـؤ النجـومَ برجلـهِ مُتكـبّـراً فتـرى النجـومَ تعـجّ يـا ويـلاهُ
مَن ذا الذي بلـغ السمـاءَ بشعـرهِ فالويـل منـه وآهِ مــا أعــلاهُ
وقضى على كلّ الحـروف غِـرارُهُ فتمزّقـتْ كــلّ الـحـروف إزاهُ
يقسو على الضـاد البليـغ بضـادهِ فيصيحُ حرفُ الضـاد مـا أقسـاهُ
قالـوا بأنّـي للبـيـان صغـيـرُهُ كذبتْ مقولـة ُ مَـن أضـلّ سـواهُ
لا تعجَبـنّ مـن الصغيـر فشعـرهُ دوّى فقـالَ الـكـونُ واشـعـراهُ
وأنا ابنُ بضع ٍ بعـد عشـر ٍ قلتُـهُ هـذي الشوامـخُ منـه لـي أدنـاهُ
إنّـي ربيـعٌ والقصيـدُ صَــوارمٌ والله إنــي مـنـهُـمُ مَـــولاهُ
وإلــيّ موئـلُـهُ إلــيّ إيـابُـهُ وأنـا سأحشُرُهُ إلــى مَـثـواهُ
مَن جاءَ بالحُسنى لـهُ حُسنـى بهـا ولَمَـنْ تحـدّانـي فـيـا ويــلاهُ



رد مع اقتباس
