بسم الله الرحمن الرحيم
لقد ورد في كتاب ( القول المعلول في الحرف المصقول ) لابن المستمطر ما هو آت :
" يقول الراوي المخشخش عن أبيه عن جمال بن مرسي عن سلطان السبهان ، يقول : بينما كنا في صبيحة يوم مطير إذ جاءنا ابن ذياب على غير عادته و كان مرتديا خلعة بيضاء من الحرير الفارسي ، و واضعا على رأسه عمامة من القز الهندي و كان غريب الأطوار ، فتارة يعض على أسنانه محدثا صوتا و تارة أخرى ينظر إلى الأفق مطلقا ً صفيرا ً ناعما ً ينم عن حسرة عميقة ، ثم أنشد يقول :
قِفْ يا خَلِيلِيْ بالطُلُولِ العُتَّق ِ دَعْهُ يَحِنُّ كَدمْعِهِ المُتَرَقْرِق ِ مَاذا يَضِيرُكَ لو وَقَفْتَ لسَاعَة ٍ يَشْكُو بِهَا الأيَّامَ قَلبُ المُشْفِق ِ (1) يَبْكِي لأَطْلالٍ تَعَفَّتْ ، رَسْمُهَا (2) كَمَلامِحِ الشيخِ المُسِنِّ الأًبْهَق ِ (3) كَانَ الأَحِبَةُ يَقْطُنُونَ جِنَابَهَا والمُزْنُ إنْ مَرَّتْ عَليهَا تَغْدُق ِ (4) واليومَ بَانُوا والفؤادُ بَكَى لَهُمْ والدمعُ يبكي في العُيُونِ الحُثْرَق ِ (5) لمْ أُدْرِكِ النأيَ الشديدَ مُصَابَه ُ حتَّى لَمَحْتُ وُفُودَ رَكْبِ الجَعْفَق ِ (6) شَدّوا الرِبَاطَ على الحَدِيدِ و قَصْدُهُمْ شَطْرَ الشَّمال على نَوَاحِي جِلَّق ِ (7) هل يُرْجِعُ القلبَ المُعَنَّى بَعْدَهُمْ ( جِمْسٌ ) إذا دَخَلَ الرُمَيلَةَ يَمْرُق ِ (8) صَوتٌ لهُ مُتَرَاطِنٌ مُتَقَطِّع ٌ (9) كزَعِيقِ شَخْصٍ أَبْلَهٍ مُتَحَذْلِق ِ (10) لا تَأسَفَنَّ عَلَى الفِرَاقِ فَبَعْدَهُ حَتْمَاً سَـيَأتِي لَـمُّ كُلِّ تَفَرُّق ِ كالشَّمْسِ تَسْعَى للمَغيبِ و قَلْبُها مُتَعَـلِّقٌ بِرِدَاءِ حُـسْنِ المَشْرِق ِ
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1) المشفق : الذي يخاف من تصاريف الأيام .
(2) تعفت : بمعنى درست و انمحت ، رسمها : ملامحها و معالمها .
(3) الأبهق : بياض يعتري الجسد بخلاف لونه ليس من البَرَص
(4) تغدق : تمطر مطرا ً كثيرا ً.
(5) الحثرق : الحَثْرَقَةُ خُشونة وحُمرة تكون في العين .
(6) الجعفق : القوم الذين تهيأوا للرحيل .
(7) جلق : اسم من أسماء دمشق .
(8) يمرق : بمعنى يدخل من جهة و يخرج من الجهة الأخرى .
(9) متراطن : الرطن هو كل كلام لا يفهمه العرب .
(10) متحذلق : الشخص كثير الكلام والذي يدعي أكثر مما عنده .
* ملاحظة :
كل ما ورد في القصة هو من نسج الخيال .



رد مع اقتباس
