عودة شايلوك*
تُرى هل جاء في التّوراة
أنّ الخير في يُتميْ ؟!
وأنّ الأرضَ حين أموتُ
تُصبحُ جنّةَ السِّلمِ ؟
وكيف يُصادرُ التّلمودُ
حَقَّ الطّفل في الحُلْمِ ؟
وأعجبُ كيف تُردي الحقَّ
يا مُحتلُّ بالزّعمِ !
تُصلّي ثُمّ تُصليني
لهيباً كاوياً يُدمي
تَشبُّ بشهوة الكبريت
تُحرقني مع الكَرمِ
تُقيم شعائرَ الأجداد
في تاريخك القوميْ
مِن التّقليل والتّنكيل
والتّشريد والهَدمِ
ووحدي في مهبّ الرّيح
لا أهلي ولا قوميْ
تُحاصرني وتمنعني
من المصباح والنّومِ
من الميلاد والأعياد
والألوان والرَّسمِ
وبالسّكين تطعنني
وقد ثَمِلَتْ من السُّمِّ
وتفتحُ شارعاً في الصّدر
تستولي على لحميْ
وتقطعُ منه رطل العيد
تلعقني إلى العَظمِ
ولا يعنيك شلاّلٌ
من الآلام والدَّمِّ
ومَن ستخافُ في دُنيا
من العُميان والصُّمِّ ؟
فعُد بمحاكم التّفتيش
في غرناطةَ اليومِ
ودَنّس مُصحفي وافجرْ
بما أُوتيتَ من إثمِ
وحاول أن تُسوّدهُ
بغاز الحقد والفحمِ
وحاول أن تُلطّخهُ
بزيت الغِلِّ والشّحمِ
تراهُ يُشعُّ رغم اللّيل
والإطباق "بالنّجمِ"
ويرسمُ في خُطى "الإسراء"
خَطَّ نهاية الظُّلمِ
فقرآني يَضخُّ النُّورَ
في روحي وفي جسميْ
ويَشحنني بعصف الرّيح
والأمواج في اليمِّ
فعُضّ ولكن احذرني
فلن تقوى على قضميْ
فلحمي ناشفٌ مُرٌّ
ومُستعصٍ على الهضمِ
وعظمي صَخرُ هذي الأرض
والفُولاذُ في عظميْ
سيكسرُ فَكَّكَ المحشوَّ
بالإعجاب والوَهمِ
وذرّاتي من البارود
والسِّجيلُ في دَمّيْ
فحاذر حين تلمسني
لأنّ بداخلي لُغميْ !


* تزامنت ذكرى بلفور المشؤومة مع حادثة تدنيس المُصحف الشّريف
في الخليل ، مُنذ أيّام ، و شايلوك هو المُرابي اليهودي الدّموي
في مسرحية شكسبير تاجر البندقيّة .