أنا ههنا عشب البلاد


سرقتْ فمي واستعمرتْ أرجائي
ونأتْ فصرتُ أنا البعيد النائي

ألقتْ عليّ غلالة من جورها
واستعبدتني وانطفتْ أضوائي
ورمتني خلف الخلف أحصد خيبتي
لاشيئ دوني لا الوراء ورائي
فأنا الذي كان الصباح على يدي
يغفو كأن سريره أندائي
فإذا خطوتُ استيقظتْ ريحانة
وسقتْ رحيق العشق للأرجاء
والغصن مال بلحن عازفة الهوى
ناي جميل في فم الورقاء
ماذا أقول وقد تكسر في فمي
وطني وضاع مع الضياع ندائي
وانبح صوتي إثرهم وتناثرتْ
من عين قلبي بالدموع دمائي
أهلي وأحبابي ودار لملمتْ
أيام عمري..فرحتي وشقائي
هم ههنا في مسرحي جمّعتهم
جمهورهم قلقي وجمر بكائي
فهنا نموت بألف صمت قاتل
وهنا نقوم كوردة حمراء
ونسير ماشاء العذاب لوحدنا
ونعاف طبل الصمت للأنواء
خُطب بلا خيل ترفرف برهة
وتغيب يجرفها المدى كغثاء
لمن السيوف شفيرها وصليلها
ودم الصهيل يجف في البيداء
لمن الذين تناثرتْ أغصانهم
للشجب أم للخطبة العصماء
لمن الجدار يسد أنفاس السما
متوثبا كالحية الرقطاء

للمسغب المحموم أم لمُدافع
صادٍ يسد خوائه بخواء
للمضفرات شعورهن حرائق
ينشدن للولدان قطرة ماء
ماضرنا جور العدو وكيده
فالأهل منهم ظالم ومرائي
من ذا الذي يفتي بقتل مرابط
بردا يموت بليلة ظلماء
مسرى الحبيب وكم تراهن حية
لم يأبهوا والقول للشمطاء
هذي بلادي والحصار مطيتي
ورحيق أهلي ثورتي ومضائي
أنا ههنا عشب البلاد وصبرها
أسقي عروقي من هوى الشهداء
وطني حملتُ نشيده في أضلعي
وتركت صمت اللاهثين ورائي
ماهمني ليل اغترابي وحشتي
ما دام طيب العود في أحشائي
ما همني الأبواب دوني أوصدت
وقعدت وحدي والبلاء ردائي
فلكم رقدت وكفّنتني غربتي
ونهضتُ لا ألوي على بلوائي
وشددتُ أزر الأغنيات بخافقي
طيّرتُها كحمامة بيضاء
باق هنا لا اليأس يعرف هامتي
فأنا السحابة والفضاء فضائي



معتزأبوشقير