*نرجيلة وشاي كُشري*


كانت سماء المدينة تغص برائحة البحر..وتنفض على أجفاني رذاذ الوداع..
من (النادي السياحي) حتى (شارع الجوازات) ..مشيا على ذاكرة عرجاء
يتقافز أمامها صمتي.. فتحاول أن تربتْ على كتفيه بكف البقاء..
إنه مقهاي المفضل وتلك طاولتي..تربض بشموخ في ظل الزنزلخت التي
لملمتْ بين أغصانها عصافير شعري وحكاياتي وخبأتني من لهيب
يمتص لوني..
أجلس لأريح قلقي الذي تعب معي..كي نحتسي أضواء المدينة..
وهذيان الشوارع..وجواز السفر..
يطالعني وجه (محمود) نادل المقهى قائلا (كُشري ياباشا)؟
فيهز حزني رأسه موافقا ليقرقع نرجيلة (السلوم) وكوب الشاي الكُشري من يدي هذا
المصري الجميل من أبناء (الشرقية) ..هذا الذي غلّف الأسى بابتسامة عريضة وخفة
وحركات رشيقة..
كنتُ أستقبل أسئلته البسيطة بشهية..لأنني وجدت عنده حسن إصغاء منقطع النظير...
هذه المرة سألني عن غياب طويل غبته عنه..فصمتُ
وكان لا يلح عليّ إذا طال صمتي لأكثر من دقيقة...
ماذا أقول..؟
أأقول بأن هذا البيت المطفأ قد كنس عن جدرانه أحلامي..
أم أقول بأن هذا المكتب وهذه السيارات تخلتْ في لحظة عني..
أم أقول بأن مياه الخليج الفيروزية ما عادت توشوش أصدافها بحكاياتي..
وهذا النخيل الذي يغفو في ضوء القمر ماعاد يحميني من وابل المطر..
وما عادت أضواء الخالدية تهوى وجهي الغريب..

هات يا محمود (العود الكمبودي)
ضعه هنا في حقيبة القلب.. لتظل معششة في أنفاسي
أبوظبي



معتزأبوشقير

أبوظبي 2007