أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: شجرة الأنبياء – الجزء الرابع

  1. #1
    الصورة الرمزية المصطفى البوخاري
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Dec 2016
    الدولة : مكناس المغرب
    المشاركات : 110
    المواضيع : 53
    الردود : 110
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي شجرة الأنبياء – الجزء الرابع

    بعدَ ذو الكفلِ العادلِ،
    توالتْ نداءاتُ التوحيدِ،
    وما زالتِ القلوبُ تُعانِدُ،
    الدعوةُ للإيمانِ، ورُسُلٌ لا تحيدُ،
    عن صراطِها، وكفرُ أقوامِهم زائلٌ.

    وتمضي النبوةُ في دربها، نورٌ على نورٍ، وهديٌ من الرحمنِ.

    توالت الرسالاتُ تدعو
    إلى التقوى والصلاح،
    رُسُلُ اللهِ لوحدانيته أولياء،
    ماضون في درب الحق والإصلاح.

    وسطعَ نجمُ نبيٍّ جديد، يشقُّ ظلماتِ القومِ بنداءِ العروة الوثقى...

    فكان عهدُ يونسَ ذي النونِ،
    يُكذِّبُهُ قومٌ يَجهَلونَ..
    فألقى اللهُ فيهم إيمانًا،
    وكانت توبتُهم غُفرانًا.


    ---

    يونس

    بَعَثَهُ اللهُ لِقومٍ طَغَوا،
    في الموصلِ حيثُ البُهتانُ،
    فناداهُمُ: عودوا لِرُشدٍ، يناشد
    فَزادوا جُحودًا، ولا قلبَ لانْ.
    فأنذرهم أن عذاب الله حان،
    وأمرُ اللهِ نافذٌ لا يُردُّ.

    خرجَ يونسُ من قومهِ غاضبًا،
    لعذابٍ سيَحلُّ بهم مُجتنِبًا،
    لكنَّ الكريمَ على القومِ رحمَ،
    فأخلصوا الطاعةَ ونجَوا من الألمْ.

    قومُ يونسَ استثناءٌ وتذكرةٌ،
    ورحمةُ الرّحمنِ أجرٌ للثّوابِ،
    لِقومٍ إذا أنابوا، وإن عبدوا الصَّنَمْ،
    تداركهمُ اللُّطفُ من ربِّ النِّعَمْ.

    ولم يكن لقومٍ كذّبوا نبيّهم أن ينجوا...
    لكن رحمة اللهِ سبقت، فقصَّ علينا ربُّنا قصّتَهم عبرةً، فقال تعالى:

    "فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ ۘ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ"
    [سورة يونس: 98]


    ---

    أبحرَ يونسُ بلا أمرٍ أوحى،
    فكان عقابُ الإلهِ جليّا،
    ذاكَ المُختارُ، المُلقى،
    والتقمَهُ الحوتُ بأمرٍ عليّا،
    كان لأمرِ ربِّه مُجيبًا،
    فاستقرَّ نبيُّ اللهِ حيًّا،
    في بطنِ الحوتِ، صابرًا رضيّا.

    في جوف الظلمات، حين علم ذنبه وما أصاب،

    استغفرَ يونسُ، وسبّحَ تضرّعًا،
    بدعاءِ ندمٍ نطقَ به نجيّا.

    "فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"
    [سورة الأنبياء: 87]


    ---

    فكان يونسُ نبيًّا عبرةً،
    لمن أذنبَ، رجعَ فتابَ،
    رحمةُ اللهِ تغشَى التائبين،
    ودعاؤهُ عندَ اللهِ مستجابُ.

    "وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ"
    [سورة الصافات: 139-140]

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 22,473
    المواضيع : 375
    الردود : 22473
    المعدل اليومي : 4.80

    افتراضي

    والله سبحانه إذا أراد ابتلاء عبده ووليه، قدَّر له الابتلاء
    ولطف به، وحفِظه ورحمه، وسخَّر له ما لم يخطر له ببال
    من ألطافه وأقداره العجيبة ما تحار منها العقول،
    وفتح له باب اللجوء والدعاء والتضرع، والرجوع إليه
    وجعل حاله بعد الابتلاء أفضل من قبله فضلًا منه سبحانه ومِنةً.
    صياغة أدبية جميلة لتلك القصة النبوية الرائعة بما حوت من دروس وعبر
    بارك الله فيك وجعل ما تكتب في ميزان حسناتك.
    تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية آمال المصري
    عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,882
    المواضيع : 399
    الردود : 23882
    المعدل اليومي : 3.88

    افتراضي

    سرد يأخذنا في رحلةٍ نورانية على خطى الأنبياء، بلغةٍ رقراقة كجدولٍ من الجنة، ووقارٍ كوقار الوحي حين يُتلى،فجاءت شجرتك كأنك تكتب بأنفاس من صحبوا الوحي وعايشوا التنزيل.
    وجاء استهلالك يحاكي سجع البلغاء وروح القرآن، وكان التدرج من ذكر ذو الكفل إلى مشهد الهداية المتجدد في قوم يونس — تلك الأمة الوحيدة التي آمنت بعد تكذيب، فغمرتها رحمة الله، وكان نبأها خالداً في الذكر الحكيم.
    هنا قرأت تصويرٍ مهيب للحظة البلاء في بطن الحوت، حين يصبح التسبيح طريق النجاة، والاعتراف بالذنب سُلّماً إلى رحمة الله.
    قد جسّدت المشهد في ظلمات ثلاث، بلغةٍ تمسّ القلب، وتوقظ الفطرة، وتزرع الرجاء في كل من أذنب ثم ندم ثم أقبل.
    نصك اديبنا الفاضل لا يُقرأ، بل يُتذوَّق كعسلٍ مصفّى من بساتين الروح.
    كتبتَ فأبدعت، وبنيت جُملاً كأنها قبابٌ من نور، يتفيأ تحتها كل مؤمنٍ يشتاق للهداية.

    دمتَ منارةً لمن يتتبع أثر النور، وكاتبًا تتشرف الكلمات بأن تكون في معجمك.
    سأنصت دائما حين يكتب القلم مرةً أخرى بهذا السناء
    تحياتي

  4. #4
    الصورة الرمزية المصطفى البوخاري
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Dec 2016
    الدولة : مكناس المغرب
    المشاركات : 110
    المواضيع : 53
    الردود : 110
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    أديبتي الجليلة، آمال المصري
    شكرًا لكِ من القلب،
    لم أكن أتخيّل أن يحظى نصّي بردّ كهذا... قرأته بدهشة ممتنّة، لا لأستزيد مديحًا، بل لأتعلّم من عمق قراءتكِ وجمال تذوقكِ.
    ردّكِ زادني تواضعًا، وأوقد في داخلي حماسة خجولة، واستحياءً يجعلني أعود إلى قلمي برهبة جديدة، لا بثقة زائدة.
    كان لكلماتكِ وقع خاص، كأنها تهمس للنصّ برفق، وتغمره بفهمٍ لا يُشترى ولا يُفتعل.
    أرجو أن أظلّ أكتب بما يستحق أن يُقرأ،
    وأن أظلّ أتعلم من أرواحٍ تقرأ بهذا النقاء وبهذا الذوق الذي لا يُعلَّم.
    كل الامتنان والتقدير.