بعدَ يوسفَ الصدّيق،
رُفعَ الستارُ عن حقبةٍ من صبر،
ومضى النورُ في دربِ القَدر،
مُبدِّدًا ظُلماتِ البئرِ العميق.
توالتِ الرسالات،
تدعو إلى الهُدى والصلاح،
رُسُلُ اللهِ، لوحدانيّته أوفياء،
منهم من ذُكروا… للعِبرةِ والفلاح.
ومع البلاءِ... دروسُ صبرِ أيّوب.
أيوبُ…
كان البارَّ، نبيًّا نقيّا،
مُستقيمًا، ذا نِعمةٍ وغنيّا،
أسبغَ اللهُ عليه نعمه، مالًا وبنينًا،
ثمَّ جاءتْ حِكمةُ الابتلاء...
من غِنى إلى فقر،
ومن كمالِ صحةٍ إلى ضُرّ،
حتى شجرةُ الدارِ انحنت،
لريحٍ صرصرٍ هبّت من القفر.
تنحّى الناسُ عنه في زمنِ العَناء،
لكن عقيلتَهُ... ظلّت رفيقةَ البلاء.
فما وهَنَ القلبُ، وما انكسر،
وما قال: "لِمَ أنا؟" يا قَدَر،
أسلمَ أمرهُ للهِ الجبّار،
وسكنَ في الصبرِ، كما الجذعُ في الشجر.
دعا الإلهَ بقلبٍ مستجير،
وبلسانِ الرجاءِ رفعَ الضُّرار:
"ربِّ إنّي مسَّني الضُّرُّ وأنت أرحمُ الراحمين"
سورة الأنبياء – الآية 83
فكانت العِبرةُ في البلاءِ،
أنَّ مع الصبرِ رحمةً،
وجزاءُ اللهِ عظيمٌ لعبادِه الصابرين.
قال تعالى:
"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ"
سورة ص – الآية 44
فأتى فضلُ اللهِ وجزاؤهُ لأيوب،
ورزقهُ بذو الكفل نبيًّا من بعده.
---
ذو الكفل
كان ذو الكفلِ صالحًا متعبّدًا،
يقومُ الليلَ، صلاتَه لا يملّ، وزاهدًا،
من نسلِ أيّوبَ الشاكرِ الصبور،
ذو عدلٍ، وبصيرةٍ في الأمور.
ذُكرَ في القرآنِ مرّتَين،
خيرًا، كإسماعيلَ واليسعِ النبيّين،
وصابرًا، كإدريسَ وإسماعيلَ الطّاهرين.
قال تعالى:
"وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ"
سورة ص – الآية 48
وقال تعالى:
"وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ"
سورة الأنبياء – الآية 85