أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: شجرة الأنبياء – الجزء الخامس - الفصل 1

  1. #1
    الصورة الرمزية المصطفى البوخاري
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Dec 2016
    الدولة : مكناس المغرب
    المشاركات : 112
    المواضيع : 54
    الردود : 112
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي شجرة الأنبياء – الجزء الخامس - الفصل 1

    وبعدَ يونسَ ذي النونِ،
    وعبرَ الثوابِ لمن أنابْ،
    كما الجَزاءُ بها مَقرونٌ،
    مثلُ دعاءِ يونسَ المُستجابْ،
    تبدأ رحلة جديدة، حيث تظهر الآيات وتتجلى العلامات...
    تجلَّتْ آياتُ اللهِ في مِصرَ دهرًا،
    مَهدُ رُسُلٍ بني إسرائيلْ،
    حكمَها فرعونُ بَرًّا وبحرًا،
    طغى كفرًا، فجاءَ التنزيلْ.
    وفي قلب هذا الظلم، بزغ نورٌ جديد...
    فجاءَ موسى بشرى المُستضعَفين،
    وكَسْرًا لعُتُوٍّ طالَ السنينْ.
    جبروت فرعون ، ورؤيا الظنون
    في مصرَ ظلَّ فرعونُ طاغيًا،
    جبارًا، والعدلُ في كفِّه دخانَا،
    جاءتهُ رؤيا العرشِ رحيلاً،
    فاهتزَّ خوفًا، وفُسِّرتْ رؤياهُ يقينًا،
    قيل: يُولدُ لملكِك صبيًّا عديلًا،
    فبدأ إماتةَ النسلِ أولادَا،
    يُدمي الأكبادَ، جيلاً بعدَ جيلا
    لكنَّ الحكمة الإلهية أبدًا لا تخذل...
    كان فرعونُ بجبروتهِ عقيمْ،
    استعبدَ بني إسرائيلَ قهرًا،
    ومن صُلبِهم حطَّ نبيٌّ عظيمْ،
    فكانت ولادتُه بالحكمةِ سرًّا،
    أرضعته أمه خوفًا،
    فالقتلُ يحومُ بهِ سيفًا،
    ألهمها ربُّ النبي عطفًا بها،
    إنْ أَرميه باليَمِّ طوفا،
    بأصدقِ وعدٍ، رجوعُه لها،
    رحمةُ اللهِ بهِ لطفًا،
    وسِرُّ النجاةِ بهِ كشفًا.
    قال تعالى:
    وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ
    فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ
    وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي
    إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
    (سورة القصص: 7)
    طاف اليمُّ ورَسَا،
    وقصرُ فرعونَ كان المرسى،
    حملتهُ آسيةُ بقلبٍ خشى
    سطوةَ فرعونَ، والقتل تفشى
    وهكذا تبدأ رحلة الفتى في أحضان القصر،
    توسَّلتِ الملكَ القويَّ،
    أن يكونَ لهما ولدًا رضيّا،
    تلطّفَ الطاغي، وهو لا يدري،
    أنّهُ باتَ الحاميَ الوصيّا،
    لِمَن سيهوي عرشَهُ الدنيويّا.
    ....وعد الله يتحقق
    بكى الرضيعُ جوعًا،
    ورفضَ الأثَدَ طوعًا،
    حكمةُ الإلهِ صنعًا،
    فما رضعَ إلا ثدي أمه،
    ووعدُ اللهِ حقٌّ بإذنه.
    نشأ الفتى في قصرِ عدوه، حيثُ القبطُ يعلون ويتسلّطون، وبنو إسرائيلَ في خارج السورِ عبيدٌ صاغرون.
    كبر موسى نقيّاً قوياً ،
    ناصراً للضعيف، وللذل أبياً،
    رأى يومًا الظلم جليًا،
    فغيّره بوكزةٍ قبطٍ علياً.
    نصرةُ المظلومِ فِطرةٌ في الأبرارِ،
    لكنها قد تُفضي لمحظورٍ بغير إنذارِ.
    قال تعالى :
    وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا
    فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ
    هَـذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـذَا مِنْ عَدُوِّهِ
    فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ
    فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ
    قَالَ هَـذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ
    قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي
    فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
    (سورة القصص: 15-16)
    بلغَ فرعونَ أنَّ موسى عاتْ،
    ومن علِيَّةِ قومهِ شخصٌ ماتْ،
    فهاجَ الطاغيةُ، وتوعّد أن يثأرَ له،
    أسكرَهُ الكِبرُ، وأعمى فيهِ الذاتْ.
    جاءَ لموسى منهم من أنذره،
    فكانت: النجاةُ مدين، أو مصرُ المماتْ.
    فطارده الحتفُ، ولكنَّهُ
    نجا، والأقباط يرجون مقتله،
    سعى الخلاصَ، مستغفرًا ربَّهُ،
    يدعو الإلهَ، وزلَّتُهُ تُثْقِلُهْ
    قال تعالى:
    فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ
    قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
    (القصص: 21)
    يتبع .......

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 22,477
    المواضيع : 375
    الردود : 22477
    المعدل اليومي : 4.80

    افتراضي

    بارك الله فيك على صياغتك لقصص الأنبياء بأسلوب أدبي مثير وجميل
    عطر الله أيامك بالإيمان ، وأنار قلبك بالقرآن
    أتابع معك باستمتاع قصص الأنبياء
    أكرمك الله بالعفو والغفران.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية المصطفى البوخاري
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Dec 2016
    الدولة : مكناس المغرب
    المشاركات : 112
    المواضيع : 54
    الردود : 112
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    أديبتنا الفاضلة نادية محمد الجابي،
    جزاكِ الله خيرًا وبارك فيكِ.
    ما أطيب الكلمات حين تُسقى من نبع القلب،
    وما أزكى المرور إذا كان عطره من عبق القرآن وروح الإيمان.

    سُررتُ كثيرًا بأن وجدت في نصوصي أثرًا طيبًا،
    أسأل الله أن يرزقني الإخلاص فيما أكتب،
    وأن يجعل ما أقدمه من سردٍ لقصص الأنبياء مفتاحًا للخير، وبابًا للتدبر.

    أكرمكِ الله ورفع قدركِ،
    وزادكِ من فضله نورًا وبصيرة.
    تحياتي لك ولجميع أهل الواحة.

  4. #4
    الصورة الرمزية آمال المصري
    عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,882
    المواضيع : 399
    الردود : 23882
    المعدل اليومي : 3.88

    افتراضي

    نصك هذا ليس مجرد سرد لقصة نبي،
    بل ملحمة إيمانية نُسجت بأنامل من نور،
    امتزجت فيها بلاغة القرآن، بروح الأديب المُلهم،
    فأحيت القصة فينا رهبة الوحي، وجمال الحكمة، ومهابة النبوة.

    كتابتك تُبهر القلوب قبل الأبصار،
    وتؤكد أن الكلمة حين تُكتب بإخلاص،
    تصير جسرًا بين الأرض والسماء.

    بورك قلمك، ودام مجدك الأدبي شاهقًا.
    تحياتي

  5. #5
    الصورة الرمزية المصطفى البوخاري
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Dec 2016
    الدولة : مكناس المغرب
    المشاركات : 112
    المواضيع : 54
    الردود : 112
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    أديبتنا الفاضلة ،آمال المصري
    ممتنٌّ جدًّا لهذا الحضور الوارف،
    بين كلماتكِ بدا أن النص بلغ مأمنه،
    وأن الكلمة إذا كُتبت بصدق تجد قلبًا يُنصت لها.
    ردّكِ لم يكن مرورًا عابرًا، بل احتفاءً يمنح الكلمة حياةً وزادًا للمواصلة.

    بلغني من حروفكِ ما يبعث الطمأنينة،
    ويُثبت أن للكلمة الصادقة موضعًا في القلوب التي تقرأ بإخلاص.

    كما قلتِ، الكلمة جسرٌ بين الأرواح،
    وبها نستمر ونرتقب التوفيق بإذن الله.

    شكرًا لكِ بحجم ما سكبتِه من نور،
    وبقدر عمق ردّكِ،
    ودمتِ زادًا لا يغيب.

  6. #6
    الصورة الرمزية المصطفى البوخاري
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Dec 2016
    الدولة : مكناس المغرب
    المشاركات : 112
    المواضيع : 54
    الردود : 112
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي شجرة الانبياء ـ الجزء الثامن ـ الفصل 1

    شجرة الانبياء ـ الجزء الثامن ـ الفصل 1

    ورثَ سليمانُ أباهُ داوودْ
    وريثَ نبوةٍ ومُلكٍ محمودْ
    في بني إسرائيل، سلالةِ العهودْ
    فكان نورًا لهم، كفجرٍ مولودْ
    يشع بالدجى، ويبدّد الغيومْ
    سطوعُ إيمانٍ بمملكةِ العدلِ المنشودْ
    كليلٍ دامسٍ تنيره النجومْ

    قال تعالى:
    {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}
    — سورة النمل، الآية 16

    وكان سليمانُ كثيرَ التعبّدِ،
    شاكراً نعمَ اللهِ قيامًا وتهجّدِ،
    يرتشفُ من الدعاءِ السكينة،
    حاربَ الظلمَ ونصرَ الدينَ بالجهادِ،
    فأحبّ الصافناتِ، خيرَ الجيادِ،
    خيولٌ تقف على قوائم ثلاث،
    وترفعُ الرابعة إيقاعاً بثبات،
    لتزرع حبها في سليمان بطمأنينة

    ثم جاء اليومُ الذي عرضت عليه الخيول،
    فانشغل بفتنةٍ خيرٍ تجول،
    نسي ذكرَ مولاه حتى إذا أفاق،
    من سهوته ضربَ السوقَ والأعناق،
    وخفقَ فؤاده بندمٍ لا يُطاق،
    فبكى على لحظةٍ ضيّعت نورَهْ،
    فعادَ إلى السجودِ يرجو مغفورَهْ.

    حينها انفتح بابُ التوبة، فاستعاد نورَ الإيمان وصفاء القلوب،

    قال تعالى:
    {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ}
    {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}
    {رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}

    ومع هذا الندم والتوبة، أبدى سليمان إجلالًا للخالقِ وهيبة،

    فكان أجرُ اللهِ عظيمًا، بسخاء،
    سخّر لسليمانَ الريحَ رخاء،
    يركبها حيثما شاء،
    يأمرها، فتكونُ بساطًا في السماء،
    كخيولٍ مسرجةٍ تجري في الفضاء.




    قال تعالى:
    {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}

    وبفضل الله، وهب لسليمان علمًا،
    فضلاً، حكمةً، وحلمًا،
    علّمه منطقَ الطيرِ تكريمًا،
    كي يكون بخلقِ اللهِ رحيمًا.

    ومن هنا، انفتح لباب الحكمة،

    قال تعالى:
    {وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۚ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}

    ذلّل الله الريحَ لسليمانَ،
    وعلّمه منطقَ الطيرِ برهانا،
    وسخّر لهُ الإنسَ والجانَ،
    وكانَ سمعُهُ كلامَ نملةٍ بيانًا.

    وفي لحظةِ التأمل، تجلّت قدرةُ اللهِ في أصغرِ خلقه،
    نطقتِ النملةُ بحكمةٍ سامية،
    أنذرتْ قومها كأمٍّ راعية،
    قالت: احذروا الجيوشَ الآتية،
    فترك النملُ منازلَهُ اتقاءً للخطر،
    كما يفعلونَ نجاةً من المطر،
    وما اتّهموا الجيش، فما شعر،
    بصغرِ حجمِها، واللهُ بعطفِه نصر،
    سمعها سليمانُ، فاستبصر،
    خلقَ الرحمن، فكان الردُّ بسمة،
    شكرًا لله، مُلهمِ الرحمة.

    قال تعالى:
    {حَتّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُوا۟ مَسَٰكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَٰنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}
    {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ}

    وفي ظل هذه النعم، كان عهد سليمان زمنَ قوةٍ ونفوذ،
    جنٌّ مُؤتمرون، خدمٌ وجنودْ،
    يبنون القصور، ويغوصون البحار.

    ريحٌ صاغرةٌ، ناقلةٌ بلا حدودْ،
    تطوف الجبال والأنهار.

    وطيرٌ بأمرِه تمضي وتعود،
    تُخيم في السماء كظلال الأشجار.

    ومن نعم الله الجليلة، أُعطي سليمان معجزةَ النحاس،
    سال له كالنهرِ دون مقياس،فسبكَ الدروعَ لباسَ المهابة،
    وشيّدَ القصورَ بهاءً ورحابة،
    وأرسى المساجدَ قبلةَ العبادة.


    قال تعالى:
    ﴿وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌۭ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌۭ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُۥ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ ۖ وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِۦ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ﴾

    وذات يومٍ غابَ الهدهدُ عن سُليمان،
    فتفقّدَ الطيرَ، وأدركَ النقصانْ،
    فتوعّدَهُ النبيُّ بالجزاءْ،
    عذابًا، أو ذبحًا، أو نجاةً ببرهانْ.

    وكان خلاصُهُ حديثُ سبأٍ،
    وقومٍ يعبدونَ الشمسَ هيمان.

    قال تعالى:
    ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾

    سمع سليمان حديثَ الهدهدِ،
    عن بلقيسَ ونعمٍ كالشهدِ،
    ملكةً على قومٍ سجدوا للشمسِ،
    بعرشٍ مهيبٍ في الضلالِ منغمسِ.

    قال تعالى:
    ﴿إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍۢ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ • وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾

    وكان سليمانُ النبيُّ حكيما،
    سديدَ الرأيِ، راجحَ العقلِ قويما.
    أتى الهدهدُ برسالةِ هدى،
    لمن يعبدونَ شمسًا سُدى.
    بلغَ بلقيسَ خطابُ النبأ،
    فاجتمعتْ بأشرافِ القومِ والملأ،
    لاستشارتهم في دعوةِ الإيمان،

    قال تعالى:
    "يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ
    إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ"

    يتبع

  7. #7
    الصورة الرمزية المصطفى البوخاري
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Dec 2016
    الدولة : مكناس المغرب
    المشاركات : 112
    المواضيع : 54
    الردود : 112
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي شجرة الانبياء ـ الجزء الثامن ـ الفصل 1

    ورثَ سليمانُ أباهُ داوودْ
    وريثَ نبوةٍ ومُلكٍ محمودْ
    في بني إسرائيل، سلالةِ العهودْ
    فكان نورًا لهم، كفجرٍ مولودْ
    يشع بالدجى، ويبدّد الغيومْ
    سطوعُ إيمانٍ بمملكةِ العدلِ المنشودْ
    كليلٍ دامسٍ تنيره النجومْ
    قال تعالى:
    {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}
    — سورة النمل، الآية
    16
    وكان سليمانُ كثيرَ التعبّدِ،
    شاكراً نعمَ اللهِ قيامًا وتهجّدِ،
    يرتشفُ من الدعاءِ السكينة،
    حاربَ الظلمَ ونصرَ الدينَ بالجهادِ،
    فأحبّ الصافناتِ، خيرَ الجيادِ،
    خيولٌ تقف على قوائم ثلاث،
    وترفعُ الرابعة إيقاعاً بثبات،
    لتزرع حبها في سليمان بطمأنينة

    كان نبيا، لكنه انسان بطبيعته

    ثم جاء اليومُ الذي عرضت عليه الخيول،
    فانشغل بفتنةٍ خيرٍ تجول،
    نسي ذكرَ مولاه حتى إذا أفاق،
    من سهوته ضربَ السوقَ والأعناق،
    وخفقَ فؤاده بندمٍ لا يُطاق،
    فبكى على لحظةٍ ضيّعت نورَهْ،
    فعادَ إلى السجودِ يرجو مغفورَهْ.
    [I]
    حينها انفتح بابُ التوبة، فاستعاد نورَ الإيمان وصفاء القلوب،[
    /I]
    قال تعالى:
    {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ}
    {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}
    {رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}
    سورة ص، الآيات 31-33
    :
    ومع هذا الندم والتوبة، أبدى سليمان إجلالًا للخالقِ وهيبة،
    فكان أجرُ اللهِ عظيمًا، بسخاء،
    سخّر لسليمانَ الريحَ رخاء،
    يركبها حيثما شاء،
    يأمرها، فتكونُ بساطًا في السماء،
    كخيولٍ مسرجةٍ تجري في الفضاء.

    قال تعالى:
    {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}
    (سورة سبأ، الآية 12)

    وبفضل الله، وهب لسليمان علمًا،
    فضلاً، حكمةً، وحلمًا،
    علّمه منطقَ الطيرِ تكريمًا،
    كي يكون بخلقِ اللهِ رحيمًا.

    ومن هنا، انفتح لباب الحكمة
    ،
    قال تعالى:
    {وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۚ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}
    (سورة النمل، الآية 16
    )
    ذلّل الله الريحَ لسليمانَ،
    وعلّمه منطقَ الطيرِ برهانا،
    وسخّر لهُ الإنسَ والجانَ،
    وكانَ سمعُهُ كلامَ نملةٍ بيانًا.

    وفي لحظةِ التأمل، تجلّت قدرةُ اللهِ في أصغرِ خلقه
    ،
    نطقتِ النملةُ بحكمةٍ سامية،
    أنذرتْ قومها كأمٍّ راعية،
    قالت: احذروا الجيوشَ الآتية،
    فترك النملُ منازلَهُ اتقاءً للخطر،
    كما يفعلونَ نجاةً من المطر،
    وما اتّهموا الجيش، فما شعر،
    بصغرِ حجمِها، واللهُ بعطفِه نصر،
    سمعها سليمانُ، فاستبصر،
    خلقَ الرحمن، فكان الردُّ بسمة،
    شكرًا لله، مُلهمِ الرحمة.
    قال عز وجل ؛
    حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِى ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌۭ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُوا۟ مَسَـٰكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ • فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًۭا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِىٓ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَـٰلِحًۭا تَرْضَىٰهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِينَ
    (سورة النمل، الآيتان 18–19)


    وفي ظل هذه النعم، كان عهد سليمان زمنَ قوةٍ ونفوذ
    ،
    جنٌّ مُؤتمرون، خدمٌ وجنودْ،
    يبنون القصور، ويغوصون البحار.
    ريحٌ صاغرةٌ، ناقلةٌ بلا حدودْ،
    تطوف الجبال والأنهار.
    وطيرٌ بأمرِه تمضي وتعود،
    تُخيم في السماء كظلال الأشجار.

    ومن نعم الله الجليلة، أُعطي سليمان معجزةَ النحاس
    ،
    سال له كالنهرِ دون مقياس،
    فسبكَ الدروعَ لباسَ المهابة،
    وشيّدَ القصورَ بهاءً ورحابة،
    وأرسى المساجدَ قبلةَ العبادة.
    قال تعالى:
    ﴿وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌۭ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌۭ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُۥ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ ۖ وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِۦ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ﴾
    (سورة سبأ، الآية 12)

    وذات يومٍ غابَ الهدهدُ عن سُليمان،
    فتفقّدَ الطيرَ، وأدركَ النقصانْ،
    فتوعّدَهُ النبيُّ بالجزاءْ،
    عذابًا، أو ذبحًا، أو نجاةً ببرهانْ.
    وكان خلاصُهُ حديثُ سبأٍ،
    وقومٍ يعبدونَ الشمسَ هيمان.
    قال تعالى:
    ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾
    ﴿سورة النمل، الآية 22﴾

    سمع سليمان حديثَ الهدهدِ،
    عن بلقيسَ ونعمٍ كالشهدِ،
    ملكةً على قومٍ سجدوا للشمسِ،
    بعرشٍ مهيبٍ في الضلالِ منغمسِ.
    قال تعالى:
    ﴿إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍۢ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ • وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾
    سورة النمل، الآية 23.

    وكان سليمانُ النبيُّ حكيما،
    سديدَ الرأيِ، راجحَ العقلِ قويما.
    أتى الهدهدُ برسالةِ هدى،
    لمن يعبدونَ شمسًا سُدى.
    بلغَ بلقيسَ خطابُ النبأ،
    فاجتمعتْ بأشرافِ القومِ والملأ،
    لاستشارتهم في دعوةِ الإيمان،
    قال تعالى:
    "يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ
    إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ"
    ﴿سورة النمل، الآيات 29–31﴾

    يتبع