أبَرقٌ دُون رَعدٍ يا فؤادِي
وغَيمٌ دُونَ غَيثٍ في مِدادِي
أيسلُبُني اليَبابُ صَبيبَ عِرقِي
ويَحصُدُ خُضرَ أوراقي جَرادي
وتُهدي لِي القِفارُ سِنينَ تِيهٍ
ويكبُو في مَفاوِزِها جَوادي
ولا ماءٌ يَلوحُ ولا سَرابٌ
ولا نَجمٌ يُبَلِّغُني مُرادي
وتَعصيني الدُّموعُ فَـلستُ أَبكِي
ويخذُلُني الزفيرُ فما أنادي
تلعثمَتِ البُحورُ على لسانِي
وشُرِّدَتِ القوافي مِن قِيادي
ولم أُسقَ الفَصاحةَ في قُريشٍ
ولا شِعري تَرعرَعَ في البَوادي
جِمارٌ أحرُفي تقتاتُ قَلبي
وحَسبي ما اكتويتُ من الرَّمادِ
كأنّي ما جَمعتُ من المَعاني
سوى الأحجارِ تُقدحُ بالزِّنادِ
وأنَّ قصائدي أفلاذُ كِبدٍ
مصلبةٌ على شَوكِ القَتادِ
وأنّي بَين أحبابي وقَومي
غريبٌ جاء مِن غيرِ البلادِ
لِيَرجُمَني الزمان بغثِّ لَفظٍ
ورَطنٍ رِيحُهُ رِيحُ العَوادي
عَققتُم أُمَّكُم من بَعدِ أُفٍّ
وصِرتُم بَعدَ خَيرٍ لارتدادٍ
رَضَعتُم ثَديَها ثم انقلبتم
لخَمر الغربِ يُثملُ كُلَّ صادٍ
ولكنّي جُبلتُ بماءِ صِدقٍ
ولا أرضَى بزَيفٍ وانقيادٍ
وما ناقضتُ في قَولٍ وفِعلٍ
وما سُقتُ القَريضَ لِكل وادٍ
رَمَيتُ مُجازِفًا عَنْ قَوسِ شِعرِي
يَسُوقُ القَلبُ نَصلِي للسدادِ
إلى عربيةِ القُرآنِ رُوحِي
وأمْهَرُها على كَفِّ الوِدادِ
أُزَينُها قلائدَ مِن بَياني
ومِن شِعري بغَينٍ ثم ضادٍ
فمِن أسفارِها أنهَلتُ لُبِّي
وفي أسفارِها رَحلي وزادِي
أيا أمَّ اللغاتِ ألا أجيري
مُريدًا يَصطفيكِ مِنَ العِبادِ
ومَن أَوحَى الكِتابَ وقَالَ "إِقرأ"
قَرأتُ ولَن أحيدَ عَن ارتيادِي
سأَسكُبُ مُهجَتي في ذاتِ قَحطٍ
وأُطلقُ صَيحَتي في كُلِّ نادٍ
وأنشُلُ من حَضيضِ الجَهلِ قَومي
أخافُ عليهِمُو يَومَ التنادِي
وأرسُمُ في السماءِ نُجومَ شِعري
فَتُشرِقُ في الروابي والوِهادِ
ويُـبتَعَثُ الخَليلُ فلا فُطورٌ
ولا يُعفَى مُخِلٌّ مِن عِنادِي
فَطِيبي يا عَروسَ الضَّادِ طِيبي
لإنكِ في الضميرِ وفي الفؤادِ
فإنْ خَمَدتْ جِماري أو حُروفي
فقُومِي وارتدي ثَوبَ الحِدادِ
*****

مازن لبابيدي
تمت في 17 صفر 1442