مَا بَالُ جُدَّةَ أُغْرِقَتْ بِسُيُولِهَا وَاغْرَوْرَقَتْ دَمْعًا عُيُونُ خَلِيلِهَا
قَامَتْ قِيامَتُهَا وَخَيَّمَ حُزْنُهَا! أَمْ أَنَّ ذَلِكَ فِي صَمِيمِ غَسِيلِهَا!
مَاءٌ وَإِنْ أَحْيَا فَكَمْ جَلَبَ أَرْدَى أَوْدَى وَلَمَّا يَكْتَرِثْ بِأَهِيلِهَا
يَا جُدَّةُ الأَحْزَانُ مِلْءُ عُيُونِنَا وَلَقَدْ دَهَتْكِ نَوَازِلٌ بِمَهَوْلِهَا
لَمَّا تَجَلَّى الخَطْبُ فِيكَ مُرَوِّعًا تَرَكَ العُقُولَ أَسِيرةً لِذُهُولِهَا
طَمَرَتْكِ مَدْرَجَةُ السُّيُولِ وَهَدَّمَتْ فِيكَ المَبَانِيَ وَالبُيُوتَ بِغُوْلِهَا
فَتَشَاكَلَتْ حَتَّى غَدَا مَهْجُورُهَا مُتَعَطِّفًا يَحْنَو عَلَى مَأْهُولِهَا
وَتَدَافَعَتْ طَفَحَاتِهِ الطُّرُقُ التِي خَنَقَ الفُرُوعَ بِهَا جُشَاءُ أُصُولِهَا
مَسْتَوْحِلاتٍ فَالعَمَائِرُ سَائِخَا تٌ كَالمَرَاكِبِ فِي خِضَمِّ سُيُولِهَا
وَالقَوْمُ إِمَّا هَالِكٌ فِي بَيْتِهِ حَرَضًا وَإِمَّا هَالِكٌ بِوُحُولِهَا
المَرْكَبَاتٌ رُكَامُهَا مُتَكَدِّسٌ فِي عَرْضِهَا وَمشَتَّتٌ فِي طُولِهَا
لَتَخَالُهَا آَثَارَ حَرْبِ جَحَافِلٍ ضَاقَ المَدَى بِسِلاحِهَا وَخُيُولِهَا
الطَّيْنُ فِي أرْجَائِهَا يُنْبِي الوَرَى أَنَّ الوَرَى مِنْهَا وَمَنْ مَعْمُولِهَا
رِحْمَاكَ يَا رَحْمَنُ مِنْ بَعْدَ الرِّضَى بِمُصَابِهَا وَشَهِيدِهَا وَنَزِيلِهَا
لَا يَسْتَطِيعُ الخَلْقُ رَدًّا للِقَضَا وَلأَنْتَ أَلْطَفُ مِنْ صَمِيمِ عُقُولِهاَ
كَمْ مِنْ وَلِيدٍ غَارِقٍ أَوْ وَالِدٍ وَحَلِيْلَةٍ لَمْ تَكْتَحِلْ بِحَلِيلِهَا
وَثَرِيِّ كَدْحٍ صَارَ يَشْكُو فَاقَةً وصَحِيحِ رُوحٍ خَارَ مَثْلَ عَلِيلِهَا
كَمْ آهِلٍ فِي أهْلِهِ رَاثٍ وَكَمْ مِنْ أُسْرةٍ مَفْجُوعَةٍ بِمُعِيلِهَا
وَمُعَمِّرٍ بِالدَّينِ عَمَّرَ قَلْبَهُ هَمًّا وَأَسْلَمَ دَارَهُ لِطُلُوِلَهَا
وَمَغَرِّبٍ لِلتُّرْبِ عَادَ وَتَاجِرٍ عَافَ البََقَالَةً لَوْثَةً بِبُقُولِهَا
لَوْلا جَلالُ الرُّزْءِ يُمْكِنُ وَصْفَهُ بِقَصِيْدَةٍ لَمَضِيْتُ فِي تَطْوِيلِهَا
لَكِنَّما فِي العَيْنِ رَائِةً غِنًى عَنْ قَوْلٍ وُصَّافٍ وَعَنْ مَنْقُولِهَا
تُنْبِيكَ أَنَّ الخَيْرَ شَرُّ رُبَّمَا والشَّرَّ خَيْرٌ فِتْنَةً لِجَهُولِهَا
وَالحَامِلِينَ أَمَانَةً قَدْ فُضِّحُوا بِمُصِيبَةٍ دَلَّتْ عَلَى مَدْلُولِهَا
مِنْ كُلٍّ مَسْئُولٍ وَلَيْس بِسَائِلٍ عَنْهَا وتَسْأَلُ لا مُجِيبَ لِسُولِهَا
أَنْ أَهْدَرُوا بِصَنِيعِهِمْ مَا قَدْرُهُ يَبْنِي الصُّرُوحَ بِبَحْرِهَا وَمَسِيلِهَا
لَكِنَّمَا الأَمْوَالُ إِمَّا فِي يَدٍ لَمْ تَغْتَسِلْ أَوْ فِي طَرِيقِ غَسِيلِهَا
ضَاقَتْ بِجُدَّةَ حَالُهَا لَولا الذِي خَشِيَ العَظِيمَ وَهَابَهُ بِأَهِيلِهَا
رَاعِي حِمَى التَّوْحِيدِ حَاكِمُ دَوْلَةٍ بَلَغَتْ سَمَاءً فِي ثَبَاتِ أُصُولِهَا
مَا كَانَ أَعْيَاهُ الذِي أَعيَاهُ بَلْ حَقُّ الرَّعِيَّةِ حَيِّهَا وَقَتِيلِهَا
الشَّمْسُ وَالفَيْءُ الرَّبِيعُ وَغَيْثُه ظِلُّ العِبَادِ بَسَعْيِهَا وَمَقِيلِهَا
يَا خَادِمَ الحَرَمِينِ إِنَّ دَوَاءَنَا فِي أَنْ تُزِيَّنَ أَرْضَكَمْ بُحُلُولِهَا
سَيَّرْتَ عَنْ بُعْدٍ أَوَامِرَكَ التِي إِمَّا مَضَتْ أَوْ فِي خِتَامِ سَبِيلِهَا
يَمْضِي بِهَا شِبْلُ البِلادِ أَخْوكُمُ النَّائِبُ الثَّانِي إِلَى مَفْعُولِهَا
لِتَعُودَ جُدَّةُ فِي ذَرَاكَ عَرَوْسَةً فِي شَطِّهَا وَحُزُونِهَا وَسُهُولِهَا
وَلِعَزْمِكُمْ حَقًّا تِذِلُّ شَدَائِدٌ واللهُ عَونُكُمُ عَلَى تَذْلِيلِهَا



* لا عذر لي في تأخير نشرها , غير أن الأحداث متزاحمة, والقصائدة معها متلاحمة, والوقت لا يسعها جميعا .
أسال الله لجدة وأهلنا فيها الرحمة والسلامة والعافية وحسن الحال وتحقق الآمال .