ساعة السحر
هل رأيتم عيون تضحك من قبل ؟؟
لو سألتموني لأجبتكم : نعم
كانت عيناها تضحك بملء الأشداق
كانتا كغابة خضراء
ارتوت حد الثمالة
من أمطار هطلت طيلة ليلة شتوية ثقيلة السحب
وباقي تفاصيل وجهها قد أبدع الرحمن في تكوينها
والعقل قد ارتوى من مصابيح العلوم البسيطة التي مرت بها
وهي على مقاعد الدرس
سحر :
من أجمل طالباتي خلقا وأخلاقا
ولا زلت أذكر أول يوم دراسي وأنا أسلمها كتب السنة الدراسية
وقد جحظت تلك العينين الخضراوتين
على كتاب اللغة العربية وكيف تصفحته بلهفة وشوق
وكنت أبتسم لمنظرها غير المألوف بصف
متواضع في مدرسة قروية
ضاعت ملامحها ونسي الزمان أن يلملم أركانها فوق خريطة البلدان
سحر شعلة ذكاء فطري وقروية بسيطة وقلب كان يسابق
الزمن كي يتعلم ويصل إلى مبتغاه لتحقيق طموح
كتب له الزمن أن يكون معلقا فوق جبهة صاحبته كأمنية عنيدة
استعصى عليه تحقيقها
افتقدت تلك الضحكة من عيني اللهب
لأيام عديدة
ولما سألت زميلاتها : أين السحر ؟؟
جاءت إجابة على استحياء من إحداهن : سحر تركت المدرسة معلمتي
صرخت : ماذا ؟؟ هل تمزحي عزيزتي ؟؟
قالت : لا فوالدها سيزوجها اليوم
وهاهي قد بعثت مع زميلتها كل كتبها المدرسية التي أعطيتيها إياها
قلبت تلك الكتب ومائة سؤال يطرق برأسي
وكأنني قد تشبثت بقشة حتى لا أغرق عندما لم المح كتاب ما بين تلك الكتب
وصرخت : كتاب اللغة العربية ، أين هو ؟؟
لابد من ذلك الكتاب وإحضاره
أريد الكتاب اليوم هل تخبرني إحداكن أين بيتها ؟
كنت أريد مصافحة غابة العينين لأختزنها في ذاكرتي
كنت أريد منع الأب من ارتكاب تلك الجريمة بحق طفلة لم تبرح اللعبة حضنها
جريمة الزواج المبكر
أين منها تحقيق حلمها بأن تلبس لبس ملائكة الرحمة
وتحلق دون أجنحة عند التخفيف من عذاب كل مريض ؟
ألف سؤال ضرب رأسي
قبل أن ألتقي السحر وهي تشيح بوجهها عني
لقد كانت تبكي
وهي تقول لي : هو للذكرى معلمتي
كتابك للذكرى ابق معي ذلك الكتاب أريده
ارحلي قبل أن يراك أرجوك ارحلي
وجاء الوالد وهو يتهدد ويتوعد
لا زلت اذكر كم بكيت وبكيت!!
كلما نظرت لمقعدها الخالي
وأتذكر تلك الغابة الخضراء والتي ارتوت من أمطار الدموع يوم ما
لم تكن سحر القصة الأخيرة في قصص الزواج المبكر
ولم تكن أحلامها البريئة هي الأحلام الوحيدة
التي صادروها بقوة
وبجبروت غاشم !!
سوسن