المرثيَّــة اليوسُفيَّة مِنْ أثرِ إمَام الوسَطيَّة

أيُّها القبْرُ في الترابِ هنيئًا
= صِرْتَ أسمَى مِنْ أنجُمٍ نيِّراتِ

نِلتَ مِنْ حُظوةٍ، ومِنْ درَجاتٍ
= فاعْلُ بينَ القصُورِ، والغُرُفاتِ

كنتَ بعضَ الأديمِ فوق ثرَاها
= فإذا أنتَ مَنزِلُ الرَّحمَاتِ

فيكَ ما في الصباحِ مِنْ جَلَواتٍ
= فيكَ ما في الضِّياءِ مِنْ وَهَجاتِ

فيكَ وحْيُ الإلهِ باتَ خليلًا
= فيكَ إرْثُ النبيِّ والدَّعَواتِ

وإليكَ انتهَى الصلاحُ أنيسًا
= والهُدَى غاشِيًا، ونورُ الصلاةِ

أيُّها القبرُ مُذْ ثوَى القرَضَاوِي
= بينَ جنبيكَ لمْ تعُدْ للمَمَاتِ

حَلَّ فيكَ، فجاورتْكَ المعالِي
= وحياةٌ أتَتْكَ فوقَ الحياةِ

قدْ حوَيتَ مُوَدَّعًا هوَ مِنَّا
= حَبَّةُ القلبِ والحِجا، والحشَاةِ

قد طَوَيتَ الفؤادَ فهوَ طريحٌ
= بينَ تلكَ الرِّمال، والحصَياتِ

أيّ ذكرى حمَلْتها أيُّ مَعنى
= سابحِ الفكرِ سانِح الأمنياتِ

ما ادَّعيناكَ في القبورِ مَزارًا
= لا ولا كنتَ مَوئلَ القرُباتِ

إنما حُزتَ في النفوسِ حبيبًا
= طاهرَ الثوبِ سابغَ الملَكاتِ

رجلَ الحقِّ والجهادِ حصورًا
= مَنهلَ العلمِ صادقَ العزماتِ

جدَّدَ الدينَ، واحتوَى الفقهَ لمّا
= كانَ في الفقْهِ نافذَ النظراتِ

وابتغَى العدْلَ، والتوسُّطَ نهْجًا
= فرعَى الدينَ بالهُدَى والثباتِ

كم أنارَ العقولَ لمَّا رآها
= سادِراتٍ في حالِك العتَماتِ

كم أسَا أنفسًا لدَى نزَواتٍ
= وشفَاهَا مِن نازغِ الشهواتِ

بِدليلٍ مِنَ الكتابِ حكيمٍ
= وعظيمٍ مِنْ واضحِ الآياتِ


أيُّ فَذٍّ في أمَّةٍ كانَ فيها
= باعثًا مجدَهَا منَ الظلماتِ

سلْ رُبوعَ البلادِ عنهُ مُطيفًا
= سَلْ أثيرَ السَّماءِ، والقنواتِ

سلْ بهِ مسجدًا، إليهِ تهادَى
= سَلْ بهِ منبرًا لدى الجمُعاتِ

سَلْ جموعًا قلوبُها واعياتٌ
= يومَ نادَى بأحرفٍ صادقاتِ

سَلْ مِدَادًا بعلمِهِ قدْ تراءَى
= كجبالٍ مِنَ الهُدَى راسِياتِ

زهرَاتٍ منَ المآثرِ فيهَا
= كتبَ النورُ أسْطرًا مِنْ عِظَاتِ

وسقَاها منْ حِبْرهِ سبَحَاتٍ
= منْ علُومٍ كأبحرٍ زاخراتِ

سِفْرُ أوراقِها بمسْكٍ تسَامى
= بالقلوبِ وَقرَّ في الجنَباتِ

لا غُلوَّ، ولا تطرُّفَ فيها
= لا جحودَ لصَفوَةٍ، وثقَاتِ

لا خُنوعَ لذي العروشِ بُغاةً
= لا رُكونَ لظَالمينَ طُغاةٍ

سيِّدٌ صانَ للشريعةِ حُكما
= ورَعَى حَدَّها وللحرمَاتِ

ورأى القُدْسَ دُرَّةً وتمنَّى
= لو ثوَى قبرُهُ لدى العَرصَاتِ

أيُّهَا القبرُ، والكنانةُ قُصْوَى
= طِبْ بأرضٍ سَليلةِ الجنَّاتِ

إنْ تكنْ شَطَّتِ الديارُ مَزارًا
= قَطَرٌ أرْضُهَا رِبَاعُ الصِّلاتِ

رحِمَ اللهُ نائمًا في ثرَاها
= ساكنًا قلبَ كلِّ ذِي دَعَوَاتِ

بارك الله فيك شاعرنا الرائع مرثية جامعة تليق بمكانة المرثي تأخذ مكانها الراقي بين مثيلاتها صادقة المشاعر محكمة الأداء لشاعر متمكن فياض العاطفة أحسن تكوين الصور وتوظيف المفردات.. دام النبض المعبر الأصيل ..ألف شكرا شاعرنا الرائع ..وجزاك الله خيرا

مااا اروعك شاعرا وراثيا علم من اعلام هذا العصر
ابدعت وما حمل الشعر من ادوات تستحق الوقوف
بوركت

بورك فيكم قارئا وناقدا ، و مقاسما حرارة التجربة ، وشكر لكم مروركم الكريم وتعليقكم الطيب.

بارك الله فيك شاعرنا الرائع مرثية جامعة تليق بمكانة المرثي تأخذ مكانها الراقي بين مثيلاتها صادقة المشاعر محكمة الأداء لشاعر متمكن فياض العاطفة أحسن تكوين الصور وتوظيف المفردات.. دام النبض المعبر الأصيل ..ألف شكرا شاعرنا الرائع ..وجزاك الله خيرا

شكر الله لم وحياكم ، وأقر أعينكم بطاعته، وجزاكم بالإحسان إحسانا لمروركم الجميل .

رحم الله إمام الوسطية العلامة الفقيه يوسف القرضاوي وأسكنه الله الفردوس الأعلى من الجنة
نحسبه عاش طيلة حياته مجاهدا في الله حق جهاده لتكون كلمة الله هي العليا
فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
وجزاك الله خيرا أخي الحبيب على هذه القصيدة الأكثر من راااائعة
تحيتي ومحبتي

كلمات مرثية في حق الشيخ رحمه الله ابدعت واجدت شاعرنا

رحم الله الإمام العلامة، ورحم جميع موتى المسلمين رحمة واسعة، وجزاكم الله خيرا.

رحم الله الشيخ يوسف القرضاوي وجزاه عن الأمة خيرا!
ولا فض فوك أيها الشاعر الكريم ودمت لسان حق في زمن خانع.

تقديري

أيُّها القبْرُ في الترابِ هنيئًا صِرْتَ أسمَى مِنْ أنجُمٍ نيِّراتِ نِلتَ مِنْ حُظوةٍ، ومِنْ درَجاتٍ فاعْلُ بينَ القصُورِ، والغُرُفاتِ كنتَ بعضَ الأديمِ فوق ثرَاها فإذا أنتَ مَنزِلُ الرَّحمَاتِ فيكَ ما في الصباحِ مِنْ جَلَواتٍ فيكَ ما في الضِّياءِ مِنْ وَهَجاتِ فيكَ وحْيُ الإلهِ باتَ خليلًا فيكَ إرْثُ النبيِّ والدَّعَواتِ وإليكَ انتهَى الصلاحُ أنيسًا والهُدَى غاشِيًا، ونورُ الصلاةِ أيُّها القبرُ مُذْ ثوَى القرَضَاوِي بينَ جنبيكَ لمْ تعُدْ للمَمَاتِ حَلَّ فيكَ، فجاورتْكَ المعالِي وحياةٌ أتَتْكَ فوقَ الحياةِ قدْ حوَيتَ مُوَدَّعًا هوَ مِنَّا حَبَّةُ القلبِ والحِجا، والحشَاةِ قد طَوَيتَ الفؤادَ فهوَ طريحٌ بينَ تلكَ الرِّمال، والحصَياتِ أيّ ذكرى حمَلْتها أيُّ مَعنى سابحِ الفكرِ سانِح الأمنياتِ ما ادَّعيناكَ في القبورِ مَزارًا لا ولا كنتَ مَوئلَ القرُباتِ إنما حُزتَ في النفوسِ حبيبًا طاهرَ الثوبِ سابغَ الملَكاتِ رجلَ الحقِّ والجهادِ حصورًا مَنهلَ العلمِ صادقَ العزماتِ جدَّدَ الدينَ، واحتوَى الفقهَ لمّا كانَ في الفقْهِ نافذَ النظراتِ وابتغَى العدْلَ، والتوسُّطَ نهْجًا فرعَى الدينَ بالهُدَى والثباتِ كم أنارَ العقولَ لمَّا رآها سادِراتٍ في حالِك العتَماتِ كم أسَا أنفسًا لدَى نزَواتٍ وشفَاهَا مِن نازغِ الشهواتِ بِدليلٍ مِنَ الكتابِ حكيمٍ وعظيمٍ مِنْ واضحِ الآياتِ أيُّ فَذٍّ في أمَّةٍ كانَ فيها باعثًا مجدَهَا منَ الظلماتِ سلْ رُبوعَ البلادِ عنهُ مُطيفًا سَلْ أثيرَ السَّماءِ، والقنواتِ سلْ بهِ مسجدًا، إليهِ تهادَى سَلْ بهِ منبرًا لدى الجمُعاتِ سَلْ جموعًا قلوبُها واعياتٌ يومَ نادَى بأحرفٍ صادقاتِ سَلْ مِدَادًا بعلمِهِ قدْ تراءَى كجبالٍ مِنَ الهُدَى راسِياتِ زهرَاتٍ منَ المآثرِ فيهَا كتبَ النورُ أسْطرًا مِنْ عِظَاتِ وسقَاها منْ حِبْرهِ سبَحَاتٍ منْ علُومٍ كأبحرٍ زاخراتِ سِفْرُ أوراقِها بمسْكٍ تسَامى بالقلوبِ وَقرَّ في الجنَباتِ لا غُلوَّ، ولا تطرُّفَ فيها لا جحودَ لصَفوَةٍ، وثقَاتِ لا خُنوعَ لذي العروشِ بُغاةً لا رُكونَ لظَالمينَ طُغاةٍ سيِّدٌ صانَ للشريعةِ حُكما ورَعَى حَدَّها وللحرمَاتِ ورأى القُدْسَ دُرَّةً وتمنَّى لو ثوَى قبرُهُ لدى العَرصَاتِ أيُّهَا القبرُ، والكنانةُ قُصْوَى طِبْ بأرضٍ سَليلةِ الجنَّاتِ إنْ تكنْ شَطَّتِ الديارُ مَزارًا قَطَرٌ أرْضُهَا رِبَاعُ الصِّلاتِ رحِمَ اللهُ نائمًا في ثرَاها ساكنًا قلبَ كلِّ ذِي دَعَوَاتِ

رحم الله الشيخ الفقيد وجزاك الله خيرًا على تلك المرثيَّة الباهرة
بوركت أداءً وشاعريَّةً ووفاءً ، حيث انصباب تائيةِ الخفيف الرشيق ،
مع فائق الود وكثير تقدير شاعرنا النبيل .