جَذْعٌ ولُحَاءْ هذا قصيدي للحبيبِ النائي
ألقى بقلبي سَهمَه مُتَعَمِّداً فاستَعْطَف النبضاتِ في أنحائي
وأحالني صَباً أهيمُ بِبَارِقٍ مِنْ ثَغره في رَشفة الصَهباءِ
و كأنما بيديهِ شَكَّل رَسْمَهُ وبريشةٍ مَصْبوغَةِ الحناءِ
مُدِّي رَعَاكِ اللهُ كَف مُتَيمٍ لأنالَ عرشَ ممالكِ الجوزاءِ
لو لامَسَتْ كَفاكِ مَيتاً في الثرى لحَسِبْتُهُ حَياً مِن الأحياءِ
يا للقِفارِ وإِنْ تَرُمْ عَرَصاتَها تُمسِ القفارُ بِحُلةٍ خضراءِ
أنا جِذْعُ زيتونٍ سما بلحائِها ما الجِذعُ إِنْ لم يَسْتَزِدْ بلحاءِ
أنا عاشقٌ والوجدُ بعضُ مشاربي والتيهُ حُلَّة أحرفي وردائي
جُبِلَتْ على طينِ الحنانِ لواعِجي و سَقَى أقاحَ المُرهَفاتِ إنائي
حسبي إذا ذكر الحبيب بمجلسي همست ليَ الأركان بالإخفاء
عيناي تَفْضَحُ ما يَجولُ بخافقي والصبُ يُعْرَفُ في عيون الرائي
أسْتَحْلِفُ الأيامَ تُدنيني له فَتُجِيبني حسناً على استحياء
وتعود تضنيني كأنَّ سَماءَها ما أمْطَرَتْ إلاَّ عظيم بلاءِ
مالي حُرِمْتُ مِنَ الحبيبِ وطيفِهِ وجُزِيتُ عنه بِوابِلِ الرُقَبَاءِ
ألأنْني قَلبٌ وحُبٌ هائمٌ وذُؤابةُ الينبوعِ في البيداءِ !
أمْ أنَّه قَدَرُ المُحِبِ على الذُرى يلقى الهوى بِصَبابةِ الإعياءِ
ماذا أقولُ فَكل بيتٍ صُغتُهُ أشْبَعْتُهُ بِتَنَهُّدي وبُكائي
يا رائقَ الشهدِ اليسيرُ بخافقي يا رقَّةً نامَت على الأنداءِ
هَبْ يا نَسيمَ الشوق طيبَ نَصِيفِهِ لمُتيمٍ بِمُعَطِّر الأفياء
رِئَتَيَّ قَسَّمَها الفؤادُ بِحُبه نِصْفَاً به و مَثيله إهدائي
لا تعجبوا فالحبُ عندي هكذا اسْتَشْعِرُ الأنفاسَ بالإيماءِ
إنِّي أقَمْتُ على ضِفَافِ رِبيعهِ كَمُقَامِهِ في خافقِ الشعراءِ
وعلى خَزَائِنِ ناظِريَّ جَعَلتُهُ ورَضِيتُ فيهِ مَحَبَّةِ الفُقراءِ
أنا مُورِقٌ لمَّا تَوسَّدَ خاطري وأنا الخَريفُ بلحظةِ الإقصاءِ
وجهينِ تُبصِرُهُن لو حَدًّقْت لي والداءُ نارُ الحاءِ قبلَ الباءِ
جَسَّ الطبيبُ شِكايتي فَتَنهدا ورَنا إليَّ بِحِنْكَةِ العُقلاءِ
عَجَباً أيَضْحَكُ مَنْ يَبيت مُقَيداً فَرِحاً ! وتبكي أعين الطلقاءِ
إذ قالَ لي نُصْحاً وكَفْكَفَ دَمْعَهُ إرفل بما أوتيت من سراء
فدواك ليس بِطبنا وبعرفنا بَلْ في لَما المَتبولةِ الغيداءِ
يا حَشْرجاتي أخْبِريها أنني ما بَينَ تَغْريبٍ وبينَ شَقاءِ
لو كنتُ أملكُ أن أسيرَ لأرضهِ صَادَفْتَ أجفاني على الرَمضاءِ
قسماً علىَّ إذا التقيتُ بعينه لأضُمُّهُ ضَمَّ الثرى للماءِ



رد مع اقتباس