يندلع حريق في نفسي ،  كيف أعيد عزيزتي ؟ وهل يمكن  للمقتول ظلما ان ترجع اليه  الحياة ، وكيف أسكت تلك النظرات المستغيثة ،  ولمن ألتجيء ، وهل يستطيع مخلوق ان يعيد حق من اهدر دمه افكا ، عشت  لحظات مرعبة ، سلبت مني طمأنينة النفس ، ووجدتني أقف وحدي في معترك رهيب ، كثيرا ما امتلكت شجاعتي في المواقف الصعبة ،   ولكن حين تجد نفسك وسط  النيران ، والجميع يتفرجون عليك ،  ويوجهون لك سهام الاتهام ،تفقد بوصلتك..
نظرات شزراء توجه سهامها ، عشت مهيب الجانب محترما ، أساعد الناس وأقف بجانبهم اوقات الشدة ، أعين الضعيف وأساند من يحتاج الى المؤازرة  وأبر من اجده يتمتع بالخصال الواجب ان نبر بصاحبها.. صدقوا بالتهمة الشنعاء ، وبقيت مكذبا اياها، يأبى عقلي ان يسلك طرق تضليلهم... تهمة ظالمة أقعدتني   مشلولا  عاجزا عن تقديم أي عون لمحبوبتي..
لم أكن أؤمن ببعض ما يعتقد به أبناء قومي ،  فقد نشأت في بيئة تحترم المرأة وتحسن رعايتها  ، وتمنحها حقوقها في الحب والتربية وحرية الاختيار ، ولقد علمت بناتي وأبنائي ان الانسان موقف ، وغرست في نفوسهم القيم النبيلة واحترام ارادة الآخر وحريته في الاختلاف ،والدفاع عما يراه صائبا من أمور ، ونشأت ابنتي العزيزة على هذه المباديء الخيرة ، كنت أراعي رأيها  وأقدر ما تبديه من وجهات نظر ، قد تسبب بعض الانتقادات نتيجة سوء الفهم ، وأبدت سميرة  تفهما لما أخبره اياها ان مجتمعنا قائم على بعض العادات والتقاليد،  ليست صائبة دائما ،ومن واجبنا احترامها كي نعيش مطمئنين ننعم بكرامة العيش  ، وسار أولادي وبناتي على طريق قويم قد ساعدتهم في انتهاجه..
تقدم ذلك الشاب الفاشل طالبا يد سميرة ، وفكرت مليا ، هل يمكن لمن حازت أعلى الدرجات العلمية  ونالت الدكتوراه بتفوق ،أن تقترن  برجل لم يبد رغبة في التعليم فظل في الشهادة الثانوية ، حصل عليها بالواسطة ، وأنا اعرف اخي ، استخدم نفوذه للضغط على أساتذة المدرسة ليمنحوه نجاح ولده المدلل..
تواصل سهام النظرات الجارحة انهمارها على رأسي ، رغم عجزي،يمضني التظاهر بالهدوء ،  نيران تتأجج في قلبي المترع بالهزيمة ، أعرف ابنتي تمام المعرفة ، وأثق بحسن تصرفها ، وانها لايمكن ان تقوم بما يجلب علينا اللوم والتقريع ، ابن عمها لئيم خسيس ، حاك مؤامرته بهدوء  وترصد ، كيف  لابن العم الفاشل أن يعرف ، هل تم الاتفاق  مع زوجها؟ ادعى انه متيم  ، عاشق ولهان  ، انجلت خيوط المؤامرة التي اشتركا معا في حياكتها ، يخرج الزوج الغرير ليعلن أمام الناس المتجمعين في تلك الليلة الليلاء، تهمته المفتراة ،ييبس جسدي من هول ما ادعى ، أفكر بعمل سريع يرد الاعتبار، لا تطاوعني  قدماي  ، أصغى الجميع لكذبته الشنعاء  ،  واتهمنا امام الملأ اننا خدعناه  ولم نذكر له الحقيقة ، بان ابنتنا مصابة ، اقترفت ذلك الاثم الكبير، الذي يستحق جز الرأس، كي تكون عبرة لبنات جنسها اللعينات ، وكي يغسل عارها  الذي جلبته على عائلتها الكريمة ذات الحسب والنسب..
صراخ المراهقين والضجيج المنبعث من أشخاص متجمعين، أمام منزلنا يطالبون بالقصاص العادل ، لم يجعلني أبتعد عن رأيي في ابنتي وحكمة تصرفاتها  ، ولكن جسدي المتخشب، يعجز عن تلبية ما يفكر به عقلي اليقظ، تنظر الي باستغاثة ،طالبة مني التدخل لنجدتها فهي مظلومة  ، فأصمم على الاستعانة بالطبيب ، فهو وحده القادر على الفصل بين البراءة والذنب ،  تمتد يدي الى الهاتف:
 أطلب الدكتور عادل وأبدأ إخباره عن نوع المشكلة التي تؤرق حياتي 
يسبقني  صوت رصاص يندلع وزغرودة منبعثة من  زوجة أخي