نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
القناة الهضمية

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

انطَلقَ مروانُ خلْفَ فَيْتامِين أ إلى داخِلِ القَناةِ الهضْمِيَّةِ.. وهَوَى الاثْنانِ في مُنحدَرٍ شديدِ الانحِدارِ إلى الدَّاخلِ..
صَرخَ مروانُ: يا إِلهي ما هَذا الانحدارُ الشَّديدُ؟!!
صَاحَ فيتامينُ أ : تماسكْ يا مروانُ..
قالَ مروانُ وهو يَهْوِي في هُوَّةٍ سَحيقَةٍ مُظلِمةِ النِّهايةِ : لا أجِدُ أيَّ شيءٍ أتَشبَّثُ بِه.. إنَّ كُلَّ شَيءٍ هُنا أَملَسُ .. ويَدفعُنِي للدَّاخلِ بطريقَةٍ عجيبَةٍ..
قالَ فيتامينُ أ : صدَقْتَ.. فالمَرِّئُ مُبطَّنٌ بِعضلاتٍ يُطلَقُ علَيها العَضلاتُ المَلْساءُ.. ووظِيفتُها الأَساسيَّةُ الانقِباضُ علَى شكْلِ حرَكةٍ دُودِيَّةٍ لِتدْفعَ الطَّعامَ نحوَ الدَّاخلِ.. أعْطِني يدَكَ يا مروانُ فقَد أستَطيعُ أنْ أُساعِدَكَ علَى التوازُنِ..
مَدَّ مروانُ يدَهُ .. حتى استَطاعَ أنْ يَقْبِضَ علَى يَدِ فيتامين أ؛ فشَدَّ عليها بقُوةٍ حَتَّى أَخذَ يُدْرِكُ ما حولَهُ.. فرَأَى المَرِّئَ أُنبُوبًا طويلاً مُمْتدًّا.. خَلْفَ عِظامِ القَفَصِ الصَّدْرِيِّ.. وسَمِعَ صوتَ رياحٍ آتيةٍ مِن كُلِّ مَكانٍ حولَهُ.. فأَحَسَّ أنه مُقبِلٌ علَى دَوَّامَةٍ جَديدةٍ.. قالَ : ما هَذا الصَّوتُ يا صدِيقي؟
قالَ فيتامين أ : هذا صوتُ الهَواءِ الذي يسرِي عبْرَ القَصبَةِ الهَوَائِيَّةِ المُجَاوِرةِ لَنا؛ مُتَّجِهًا إلى الجِهازِ التَّنفُّسِيِّ في عملِيَّتَي الشَّهِيقِ والزَّفِيرِ..
قالَ مَروانُ : أَلَن يأْتِيَ إِلينا هُنا؟
قالَ فيتامين أ : لا .. فَهُو يجاوِرُنا فقط..
اطْمأنَّ مروانُ وقالَ : وأيْنَ نتَّجهُ نحنُ الآنَ إِذَنْ؟
قالَ : نحنُ نَتَّجهُ الآنَ نحوَ المَعِدةِ.. وهي أكبرُ وأوْسَعُ جُزْءٍ في الجِهازِ الهضْمِيِِّ.. ونحنُ الآنَ علَى مَشارِفِها.. ولكِن انْظرْ هُناكَ.. هلْ تَرَى ذلك الحَاجِزَ الَّذي يَفصلُ تجويفَ الصدْرِ عنِ البَطْنِ؟ إنه يُسمَّى "الحِجَابُ الحَاجِزُ" وهوَ حِجَابٌ عضلِيٌّ يفصِلُ بيْنَ الصَّدْرِ والبطنِ ولَهُ دوْرٌ كبيرٌ في عَمليَّةِ التَّنَفُّسِ وعَمليَّاتٍ أُخْرَى عديدَةٍ تحدُثُ داخِلَ الجِسْمِ..
أحسَّ مروانُ بحرارةٍ تصْعدُ إليهِ مِنْ أَسفَلَ فقَالَ : ما هذِهِ الحرارةُ يا فيتامينُ أ؟!
ردَّ أ : هذِهِ حرارةٌ تنبعِثُ عنِ العُصارةِ المَعِدِيَّةِ.. التي تُصَبُّ فوقَ الطعامِ فتُساعدُ علَى هضمِهِ وتحوِيلِه إلى صورةٍ أبْسطَ يَسْتفيدُ منها الجسمُ.. وتِلكَ البوَّابةُ التي تلُوحُ من بَعيدٍ.. والتي تُفتَحُ وتُغلَقُ عندَ مُرورِ الطعامِ.. هِي " فَتحةُ الفُؤَادِ ".. فاسْتعدّ يا مروانُ فنحنُ علَى مَشارفِ المعِدةِ.. حيثُ العملُ الشَّاقُّ..
أخَذَا يقْتَرِبانِ مِن فتْحةِ الفُؤَادِ رُوَيدًا رُويدًا .. حتى صاحَ أ : تمسَّكْ يا مروانُ فسنَسقُطُ الآنَ ..
هَوَى الاثنانِ في المعِدةِ .. فتَلَفَّتَ مروانُ حولَهُ فَزِعًا فرَأَى كَميَّاتٍ كَبيرةٍ مِنَ الطَّعامِ المُمزَّقِ.. والمَطحونِ بفِعْلِ الأَسنانِ .. تَملأُ كُلَّ مَكانٍ.. فمدَّ يدَهُ يَتحسَّسُ جَدارَ المعِدةِ فوجَدَها مُبطنةً بغِشاءٍ مُخاطِيٍّ رَقيقٍ.. قالَ: ما هذَا الغشاءُ يا فيتامينُ أ ؟!
أَجابَهُ فيتامينُ أ : هذا غشاءُ المعدةِ .. فهُو يَحْمِيها مِنَ التَّأثُّرِ بالعُصاراتِ المعِديَّةِ الهاضِمَةِ للطَّعامِ.. أمَّا هذه الفَتَحاتُ فهي الغُددُ التي تَقومُ بإفرازِ العُصارَةِ المعديَّةِ.. وهي عُصارةٌ قويَّةٌ تعملُ علَى هضْمِ الطَّعامِ وتحويلِهِ إلى صُورةٍ بسِيطةٍ يسْهلُ علَى الجسمِ الاستِفادةُ مِنها..
تلفَّتَ مــروانُ حولَهُ قائلاً: أينَ العُصـارةُ المعديَّةُ إذنْ؟!
لَمْ يُكمِلْ مروانُ كلامَهُ حتى فَتَحت الغددُ أبوابَها وانهالَتْ عليه سَوائلٌ حِمْضيَّةٌ شَديدةٌ.. لها طعْمٌ لاذِعٌ قابِضٌ.. وأحسَّ أنَّ المعِدةَ آخِذَةٌ في التَّحرُّكِ تَدريجيًّا.. وبقوَّةٍ مُتصاعدةٍ ..
أَخذَت المعِدَةُ تصبُّ عُصارتَها علَى قِطَعِ الطَّعامِ المُتناثرةِ هُنا وهُناك وازْدادَتْ حركتُها قوَّةً وحِدَّةً.. وأخَذتْ تُقلِّبُ الطعامَ وتخلِطُهُ..فَلجَأَ مروانُ وفيتامينُ أ إلى أحدِ أركانِ المعدةِ وأخَذا يرْقُبانِ ما يحدُثُ عن كثَبٍ..
مَضَى عليهما ما يقرُبُ منْ أربعِ ساعاتٍ وهُما يَرقُبانِ المَعدةَ تقومُ بعملِها الشَّاقِّ بِلا كَلَلٍ ولا مَلَلٍ.. حَتى صارَ الطعامُ الممزَّقُ سائِلاً تمامًا.. ثم أخَذَت المعدةُ تنقبضُ وتدفَعُ الطعامَ نحوَ مُؤَخِّرتِها.. حيثُ يقِفُ مروانُ وفيتامينُ أ..
صاحُ فيتامينُ أ : اقفزْ خلْفِي فوقَ هذا السَّائلِ الـمُنهَضِمِ.
صاحَ مروانُ : إلى أينَ ؟
قالَ أ : إلى الإثْنَى عَشَرِ..
لَمْ يُمهلْهُ فيتامينُ أ ؛ فقفزَ فوقَ السائلِ المُندفِعِ مِنَ المعدةِ نحوَ الإثْنَى عَشَرِ..
أَخذَ الاثنانِ يسْبحَانِ فوقَ السَّائلِ المُنهضمِ الخارِجِ مِنَ المعدةِ ، ونظرَ مروانُ أمامَهُ فرأى بوَّابةً ضخْمةً مفْتوحةً علَى مِصراعَيْها والسائلُ المنهضمُ يمرُّ منها نحوَ مجرًى ضيِّقٍ.. وقد عُلِّقَتْ علَيها لافتةٌ تقولُ : " فتْحةُ البَوَّابِ.. المُتَّجِهُ في هذا الطَّرِيقِ يسيرُ نحوَ الإثْنَى عَشَرِ ".
جاوَزا الاثنانِ فتحةَ البوَّابِ نحوَ الإثنى عَشَرِ .. ومَرَّا في مَجرى ضيِّقٍ .. يكادُ مروانُ يُلامِسُ جانبَيْهِ مَعاً.. تَحَسَّسَ مروانُ جدارَهُ فوجدَهُ مُبطَّنًا بغِشاءٍ مُخاطِيٍّ هو الآخَرُ.. ووَجدَ فيهِ بوَّاباتٍ كَبِيرةً مُتعددةً.. قالَ : ما هذِهِ البوَّاباتُ؟
انفَرَجَت البوَّاباتُ المحُيطةُ بِهِ فجأةً.. واندفَعتْ منْها سُيولٌ عارِمَةٌ مِنَ العُصارةِ الصَّادرةِ عَنِ البِنكرياسِ..
أحَسَّ مروانُ أنَّ طعْمَ السائِلِ المنهضمِ قدْ تغَيَّرِ فبَدلاً من الطَّعمِ الحِمضيِّ الَّلاذِعِ أصبحَ طعمُهُ قَلَوِيًّا عاديًّا..
تقدَّمَ الاثنانِ في الاثْنَى عَشَرِ.. وانفَرَجَت بوَّابةٌ أخْرَى وهطَلَ منها سائلٌ أصْفرُ خالطَ السائِلَ المنْهَضِمِ فغيَّرَ لونَهُ وشكْلَهُ.. قالَ مروانُ: ما هَذا يا أ؟
أَجابَ أ : هذِهِ هي العُصارةُ الصَّفْراويَّةُ.. وهي العُصارةُ التي يُفْرِزُها الكبدُ ويخزِّنـُها في المَرارةِ لتَصُبَّها علَى الطَّعامِ.. وتعْملُ هذِهِ العُصارةُ علَى هضْمِ الدُّهُونِ وتَحويلِها إلى جُزَيْئاتٍ أصْغَرَ.. حتى يَسهُلَ هضْمُها وامتصاصُها في الأمعاءِ الدَّقِيقةِ..
مَرَّ مروانُ وفيتامينُ أ علَى لافتةٍ تقولُ: " انْتَبِهْ أنتَ علَى أَبوابِ الأَمعاءِ الدَّقيقةِ".
تعَجَّبَ مروانُ قائِلاً : الأمعاءُ الدَّقِيقةُ !!
قَالَ فيتاميُن أ : تماسَكْ .. فقدْ دَخَلْنا الأمعاءَ الدَّقيقةَ فِعلاً.. وهي أَطْولُ أجْزاءِ القَناةِ الهَضْمِيَّةِ.. وفيها تحدُثُ عمليَّةُ امتِصاصِ المَوادِّ الغِذائيَّةِ المُختلفةِ.. والفيْتامِيناتِ.. حيثُ سأترُكُكَ وحدَكَ تُكمِلُ رحلتَكَ..
صاحَ مروانُ : تتْرُكُنِي وحدِي هُنا..
قالَ فيتاميُن أ : نعمْ..
فزِعَ مروانُ وأخَذَ يسْبَحُ عبرَ السَّائلِ الـمُنهَضِمِ بقوَّةٍ شَديدةٍ حتى يَخرُجَ مِنَ الأمعاءِ الدَّقيقةِ بسَلامٍ.. وقالَ: إلى أينَ يُؤدِي هذا الطَّريقُ ؟
لَمْ يأْتِهِ جَوابٌ .. ففزِعَ وأدرَكَ أنَّهُ قد تَاهَ في الأمْعاءِ الدَّقيقةِ.. فصاحَ بأَعلَى صوتِهِ : يا فيتامينُ أ.. أينَ أنتَ.. هلْ تسمَعُنِى؟!
أَتَاهُ صوتُ فيتامينِ أ من بعيدٍ : لا تحزَنْ يا مروانُ.. فقد امتَصَّتنِي إحدَى الخَمائلِ المُبطِّنةِ لجِدارِ الأمعاءِ الدَّقيقةِ وأَلْقَتْ بِي في تيَّارِ الدَّمِ حيثُ أسيرُ الآنَ نحوَ القلْبِ.. لِيُرْسِلَنِي لخَلايا الجسمِ لِتتَغَذَّى علَيَّ.. وَداعًا يا صدِيقي..
وتلاشَى الصوتُ تدْرِيجيًّا.. حتى اخْتَفَى تَمامًا.. وقَفَ مروانُ حزِينًا علَى فِراقِ صديقِهِ.. وأَحَسَّ أَنَّهُ يُسْحبُ إلى الدَّاِخلِ فَجأةً.. نَظرَ أسفلَ منهُ فوَجدَ إحْدَى الخَمائلِ التي تَمْتلِئُ بها الأمعاءُ الدَّقيقةُ تَسْحبُهُ إلى الدَّاخِلِ لتُلْقِيَ بِهِ في تَيَّارِ الدَّمِ إلى القلبِ..
فزِعَ مروانُ وجذَبَ نفْسَهُ بشِدَّةٍ حتى استَطاعَ أَن يتخلَّصَ مِنها ثم انطلَقَ يَعْدُو بأقصَى قوةٍ إلى الأمامِ لعلَّهُ يجدُ منفَذًا يخرجُ منهُ.. وأخذَت الأمعاءُ تَمتصُّ المَوادَّ المغَذِّيَّةَ منَ السَّائلِ الـُمنهَضِمِ حتى أصبحَ قَوامُهُ غَلِيظًا نوعًا ما..
أسَرعَ مروانُ كَأَنَّما يُسابِقُ الزَّمنَ قبلَ أنْ يتجَمَّدَ الطَّعامُ فلا يَقدِرُ علَى النَفادِ منهُ.. وجدَ لافتةً تَقُولُ: " إلى الأمعاءِ الغَلِيظَةِ".
أَدركَ أنَّهُ يسيرُ نحو النِّهايةِ.. فانطلقَ يعدُو بأقصى قوَّةٍ لَديْهِ.. حتّى استَطاعَ أن يُجاوِزَ الأمعاءَ الدقيقةَ.. ويدخلُ سَريعًا في الأَمعاءِ الغَليظةِ.. ونَظَرَ خَلفَهُ فوجَدَ لافتةً تقولُ: " إلى الزَّائِدةِ الدُودِيَّةِ " فَولاَّها ظهرَهُ وانطلقَ يعدُو عبرَ السَّائلِ المُنهضمِ الذي غَلُظَ قَوامُهُ أكْثرَ.. فأَخذَ القَولونُ يدفَعُهُ للأَمامِ.. ويَمتصُّ ما يُحيطُ بِهِ من سَوائلَ.. وأصْبحَتْ حَركةُ مروانَ صعبةً.. ولم يَعدْ يقدِرُ علَى التَّقدُّمِ للأَمامِ خُطْوةً واحدةً فاستَسلمَ لِبقَايا الطَّعامِ تَدفَعُهُ للأَمامِ في طَرِيقِها نحوَ النِّهَايةِ..
وفي طريقِهِ وجَدَ لافتةً تقولُ: " صَاحبَتكُمُ السَّلامةُ.. إلى فَتحةِ الشَّرَجِ " فأدرَكَ أنَّ النِّهايةَ صارتْ وشِيكةً.. فتنَهَّدَ مروانُ وأحسَّ برَاحةٍ عَميقةٍ تسْرِي في أوصالِهِ لنَجاتِهِ مِنْ هذِهِ المتَاهةِ الطويلةِ بأُعجُوبةٍ.. فحَمِدَ اللهَ.. وأسلَمَ نفسَهُ للتَّقدُّمِ مع بقَايا الطَّعامِ المُتَّجِهةِ نحوَ الخارجِ عبرَ الـمُستَقيمِ الذي يُؤَدِّي في النِّهايةِ إلى فتحَةِ الشَّرَجِ..
استَمَرَّت الطَّرَقاتُ علَى البَابِ بلا انقطاعٍ.. فصاحَ مروانُ: مَن الطارِقُ؟
قالَت الأُمُّ : اخرُجْ يا مروانُ.. أبُوكَ يريدُ أن يدْخُلَ الحَمَّامَ.. هلْ ستَنامُ بِالدَّاِخلِ؟!!
قالَ مروانُ : إني خَارجٌ في الحَالِ يا أُمِّي..


في انتظار تعليقاتكم
وتقبلوا خالص تحياتي
أيمن شمس الدين

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي