تـقـول لــيَ الفـتـاةُ : إلـيـكَ بـابـي
وـذلـك مضجـعـي وهـنـا شـرابــي
فـأوقِـف رحـلــةَ الأيـــام حـتَّــى
نـفـكّ الـغُـلَّ عــن هــذي الـرقـابِ
ونطـفـئَ شمـعـةَ الـلـيـلِ المُوَلِّي
ونُلقـي اليـأسَ فــي وجــه السـحـابِ
ألــم تـسـأم ضيـاعَـكَ كــلَّ حـيـنٍ؟
ألــم يقـنـع سـؤالُــكَ بـالـجـوابِ ؟
فقلـتُ لهـا وفــي عيـنـي اشتـيـاقٌ :
وأيـن أفِــرّ مــن قَــدَر اغتـرابـي ؟
قطـعـتُ فيـافـيَ الأكـــوان حَـبــواً
وســال عـلـى مسالـكـهـا لـعـابـي
ولـم أَطعَـم ســوى حـسـكٍ وشــوكٍ
ولـم يَـروِ الغليـلَ ســوى الـسـرابِ !
وطـرتُ علـى بسـاطِ الـريـح وحــدي
فتـاهـت وجهـتـي وســط الضـبـابِ
فأذرَتـنـي الـريـاحُ ولـــم أجِـدنــي
سوى في مضجعٍ تحت الترابِ
فـكـيـف أؤوبُ والأيــــامُ تــأبَــى
وهـل أَدَعُ الصعـابَ إلــى الصـعـابِ !
أَلِـفـتُ الـعـيـشَ مـنـفـرداً لـئــلاّ
أحِــنّ إلــى الأحـبّــة والـصـحـابِ
فمـا أحـلـى الـعـذاب عـلـى ابتـعـادٍ
ومـا أقسـى النعيـم عـلـى اقـتـرابِ !
ولــو تـدريـن كـيـف يـمـرّ يـومـي
فلـن تجـدي سـوى العـجـبِ العـجـابِ
فـفـي وضــح النـهـار أرى يقـيـنـي
وفــي هــذا الـظـلام أرى ارتيـابـي !
لمـسـتُ حقيقـتـي .. فــازداد شـكّـي
فـلا خطـئـي عـرفـتُ ولا صـوابـي !
فـقـالـت والـدمــوعُ مُـرَقـرَقــاتٌ :
أحبـكَ فـي الحـضـورِ وفــي الغـيـابِ
فـإنْ تمـكـث فـأيـن تـريـد غـيـري؟
وإن تذهـب فـمـا جــدوى الـذهـابِ ؟
فقلـتُ لهـا : وهـل فـي الصخـر مـاءٌ !
فمـا بِـكِ حينمـا أمضـي ؟ ومـا بــي ؟
وهـل أضنـى الفـؤادَ ســوى التمـنّـي
وزاد الوهمُ مــن هــولِ الـعـذابِ !
فلـسـتُ الآن مـثـل الأمــس طـفــلاً
فإنّـي شِـبـتُ مِــن قَـبـل الشـبـابِ !
فــــلا يَــغـــرُرْكِ ما أبديه مِنِّي
فما يُدريكِ ما تحت الثيابِ