ذِكْـرَى رَحِيـلِكَ


الليلُ في خَلَواتِهِ

لبَّى نِدَاءاتِ الأرقْ.

والصبحُ في نَسَمَاتِهِ

رَشفَ المَنيَّةَ فاخْتَنَقْ.

والنورُ عَانقَهُ الغَسَقْ.

وَمَدائنُ الصَّبْرِ الجَميلِ حُصُونُها

خَرَّتْ حُطُامًا فَوقَ أوديةِ الوَرقْ.

يَا طيفيَ المَرسومَ دَومًا بِالمُقَلْ:

ذِكْرَى رَحِيلِكَ تَسْبِقُ الأيَّامَ

تَأتِي

كي تُذّكِّرَ بِالرحيلِ وبالأجَلْ.


لمْ تُخْطِىء الدَرْبَ الطَويلَ

ولمْ يُرَافقْها الزَلَلْ.

والعَامُ يُدْنِيهَا هُمُومًا

لا تَكَلُّ ولا تَمَّلْ.

والفَقْدُ عَادَ ليَكْتَمِلْ.

يَا ظِلَّيَ المَفْقودَ:

يَومُ الحُزْنِ آبْ.

شَقَّ المَدَى مِنْ بَعْدِ عَقْدٍ

-واسْتَقرَّ لَدَى الحَنَايَا- كَالشِهَابْ.

وَبِرَغْمِ كِلِّ الحُزْنِ عِطْرُكَ

فِي دَفَاتِريَ القَدِيمةِ،

يَنْثُرُ النَفَحَاتِ

يُبْهِجُ،

ثم تَسرقُهُ مَدَاراتُ الغِيابْ.

آهٍ على مَعنَى الغِيابْ!!

كم كنتُ أرتشفُ الأمانَ جَداولاً

مِنْ رَاحتَيكْ.

لَهَفِي عَليكْ.

وَكأنني

مِن كُوَّةِ البَابِ المُقابِلِ للظلامِ وللسَنَا

أَرنو إليكْ.

فَأرى شِراعَاتِ الرَّدَى

في مُقلتيَّّ مَسِيرَها

في دَمعَتينْ.

يَنْزاحُ حَرُّ لَهيبها

ويَعودُ كلَّ دَقيقتينْ.

آهٍ على رُوحٍ تَمَزَّقَ شَمْلُها

في غُربَتينْ!

شَوقِي إليكَ يُبعثرُ الكلماتِ دومًا

في فَضَاءِ الصمْتِ

يَصْبِرُ

ثمَّ يَجزَعُ

ثمَّ يُصْبحُ بَينَ بَينْ..

والآن بَوحَيَ لا يُوارِي آخرَهْ.

يَا لُعْبَتِي،

يَا طِفْلَةً رَسَمَتْ جُنُونَ خَيالِهَا وسَرَائرَهْ.

عُودِي إلىَّ،

وَفَجِّرِي فِيَّ الحَياةَ

وَذَكِّرِيْنِي مَنْ أنَا،

ثمَّ اسلبيني مَا ذَكَرْتُ

وكلَّ مَا تَحْوِي بَقَايَا الذَّاكِرةْ...


11\2009
أميرة عمارة