وجبة سريعة
بقلم : سمير خليفة
عبقت بأنفهِ رائحة الطعام، فلبى نداءَ معدته الخاوية
- "تفضل معلم ..لحظات ويكون طلبك جاهز".
انشغل بمتابعةِ تقليب الصور الملونة ، والمخططات الهندسية، وقراءة المواصفات والشروط.
ان كثرة الخيارات زادت من صعوبة الاختيار، فالمساكن الطابقية في الضواحي حتى لو كانت بمواصفات"سوبرديلوكس" لها مساوى كثيرة، فالخدمات مشتركة، وزوجته تحلم بالاستقلالية ، لكن الحل لدى المستشارين بسيط جدا . لكن خياراتهم الواسعة زادت من حيرته.
جرب مع نظام الفيلات ، فوجد أنه الأفضل لأنه سيمنح زوجته الكثير من الحرية ، ناهيك عن المدارس النموذجية، ومراكز الترفيه للأولاد، ومستوى الخدمات العالي الجودة ، أمور لا تتوفر الا في هذه المجمعات الحديثة . مراهناً على بعض الصداقات بحكم الجوار، ودورها بنجاح أعماله، وضمان علاقات أولاده المستقبلية.
انتقل بعدها لعروض المفروشات ، وتجهيزات المطبخ . لم يتوقف عندها كثيرا لقناعته بانها من اهتمامات المرأة، وهي قابلة للتجديد والتغيير دوما، مع تجدد عروض الشركات والموديلات الحديثة ، ليتمكن عندها من ارضاء غرور زوجته باصطحاب صديقاتها، وبعض الأهل أثناء الاختيار، فترفع اللوم والعتب عنها أمام فضول الأسئلة والاستشارات.
عاد لتقليب الصفحات متوقفاً عند عرض تنسيق الحدائق، وحمامات السباحة لانه لا يريد مشاركة احد باختيارها. فهي حلمه الدائم الذي داعب خياله، وكثيراً ما حلم بسهراته الخاصة مع أصدقائه حول الموائد العامرة قرب بركة السباحة.
استقر رأيه عند أحد العروض المقدمة من شركة وطنية بخبراتها المستوردة. مع ثورة التغيير هذه كان لابد أن لا يتجاهل السيارة، فقد أصبحت المواصفات الحديثة ضرورية لأنها تعبر عن المستوى الاجتماعي لصاحبها. تاركاً لزوجته حرية اختيار اللون، فثقافتها في السيارات لا تتجاوز حدود معرفة أجزائها الخارجية.
لفت انتباهه اعلان في أسفل الصفحة. ذو اطار انيق بلون مميز:
" مطلوب سكرتيرة "
ذات مظهر أنيق ، عزباء، أو مطلقة بدون أولاد، الخبرة ليست ضرورية بالعمل، الدوام طويل، ويمكنها السفر لمدة يومين في الأسبوع لفرع الشركة في الساحل . علماً أن الاقامة والسفر على حساب الشركة، الراتب مغرٍ جداً مع مكافأت وحوافز. الرجاء الاتصال على الرقم "؟؟؟؟؟؟؟؟؟"
ابتسم بخبث " انها ضربة معلم والله ما خطرت ببال ابليس".
ولم لا فزوجتي ستنشغل عني بين زوارها والمباركين، وحفلات الاستقبال، وأنا بحاجة لنقاهة بعد كل هذا الجهد.
جاء صوت الصبي قاطعاً انشغاله: أحلى سندويشة فلافل ..لأحلى معلم. تأخرنا عليك ، الزيت كان بارد).
طوى صحيفة الاعلانات وافترشها على دكة سور الحديقة العامة، بالقرب من رفاقه عمال المياومة الذين لم يحالفهم الحظ بعد لهذا اليوم.