كنت أظن بأن الإحساس عندما يداهم صاحبه, هو الذي يمسك بالقلم ويخط هذيانه , ثم يسطر جموحه و يدون تصدعات هواجسه و ترددات الصدى الجوفاء التي يرتجف الغبار الملتف حول خيوط الضوء في جنباتها ..
ولكني أجدني في هذه اللحظات "كتلة" من الأحاسيس المتأججة بالصمت والصمت يقضم أظافر الحيرة الصماء في غمرة دهشتي لأتساءل كيف أتشرنق وأتقوقع داخل "اللحظة "..
كيف أتحول الى شوق يحترق بجذوة الفراغ ..وحرقة البعد كانت تستبدل موضع اللدغ بين أناملي في لحظة الإبعاد التي , كانت بقدر أبعاد المبعد عني ..
فقيمة الشيء يُقدر بمعيار القدرة على الصبر في حالة البعد ..قد يكون الأمر بطعم الزرنيخ الذي يتأبط لسعة الرمق الأخير , وقد يكون بلذة النجاة من موت محقق في لحظة ما على شفا الفقد , وامتداد رشفة الألم لا تُقتصر على البلع القسري ..
كنت انتظرك والانتظار رغم قسوته لذة في دقائقه القاتلة ..كالأدب الغرافيتي المتمرد أخذت الحبر وسكبته على كل ركن من جدران الانتظار كي أتطلع الى لوحة تنتج من عبثية الألوان , وفوضى المساحات كتأثير الألوان الذي يمحي ألم اللذة ويضفي توهم الذائقة , ثمة توهم لحظي جميل ينثر زبد الملح على الثلج ..
كنت أتخيل وقد انبثق إطار لوحة الغياب إعلانا رسميا لحضورك كي يأفل سريعا صيت غيابك الذائع ..
هذه اللحظات أشبه بمحطة تجمع الوافد بالرافد دون ان يتصافحا , نظرا لتجانس الأحاسيس المتنوعة السافرة على محياي , انبثقت من مخيلتي محطة القطار , والتي تزحف نحوها الأقدام وتدوسها نعال الفوضى في صنع طوابير مكدسة من هوامش البشر تلك الوجوه المتماثلة ذات قواسم مشتركة في الهموم والكفاح من اجل البقاء ..
وكأن المواطنين أكياس مُلئت لتدلل على انحراف القوانين و الخلل في ترتيب الأنظمة الحاكمة هنا وهناك وكل المحطات جذوة مستعارة من نار الإنتظار ..
ربما لحظة من لحظات الانتظار تفقدنا الشهية في تذوق المنتظر ..
ولكني سوف اطوي حزني كحصيرة غاب عنها الضيف وغيبت الكرى ..
كنت أظنني عود ناضج لا يتأثر بالطقس وان لحائي صلب وهذه موجة الغياب قد كشفت الغطى عن الحقيقة و أظهرت الوهن الرازح تحت سقف المجهول ولحظة الغياب التي تجر نحو الهزيمة ذيول مازلت تحملق حدقتاها في آثار سياط الانتظار بفرائسي ..
وعندما حضر وضعت الجريدة جانبا ولم أتجرأ بنطق كلمة ..
يبدو إني كنت اقرأ كل الأقسام في جريدة اليوم واخترقت الأحداث حيز الورق لترمي في وجهي بقايا الأحداث ..
سألته باستحياء هل قرأت هذا العدد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



رد مع اقتباس
