جـــريح


جريحٌ وبعضُ البوحِ بالحزن ِ قاتِلـُهْ
فـَصَلـُّوا على باقِـيه ِ لو أمَّ عاذِلـُهْ
فقدْ يمَّـمَ الأشعارَ ، واستقبلَ الأسى
وطـُهـّر بالشـَّوق ِ المُفـخَّخِ داخِـلـُهْ
وكـبَّـرَ في مِحرابـِه الهـَمُّ خاشعاً
تحاربهُ قــَبْـلَ الأعـادي شـَمَائـِلـُهْ
فصلى على الأحزان ِ ، والله حَـسبهُ
إذا أصْبحتْ تعوي بضَيـمٍ مفاصلـُهْ
فما العَـيْشُ للآسي سوى بعضِ قـتـْـلِهِ
ولو غرَّدتْ كـَظـْمَاً لغـَيض ٍ بلابلـُهْ
فـَرُشـُّوا على الأكـْفَانِ قـَطـْراً تشرَّبتْ
بأشـْعـَاره ِ والـذِّكـْرياتِ هواطِـلـُهْ
فكم كان يهْوى وصْلها لو تـنكـَّرتْ
لهُ بعضُها، واستـثــْقـَلتـْها شواغِـلـُهْ
وأمسى بتوديع ِ الأحبة ِ قلبـُه
صريعاً وفي وصْـل ِ الحياة ِ مقاتِـلـُهْ
تشيخُ بجـَنبيهِ الحرائقُ مِثـلـَما
تـَـشبُّ بوديانِ الضُّـلوع ِ زلازلـُهْ
وكم ماتَ في نيرانِها السـِّرُّ راكِعا ً
توَثــِّقــُهُ تحتَ العُـروق ِ حَـبائِـلـُهْ
فليس الذي يَجْري على فِـيه ِ سِـرُّهُ
وليس الذي يسعى ليـَلـْقاهُ ناقِـلـُهْ
فلو من حشاياه الفراتُ ودِجْـلـَة ٌ
تسيلُ لما حَـسَّـتْ بري ٍدواخِـلـُهْ
ولو أنَّ ضامي الشـَّوقِ ترويهِ شـَرْبة ٌ
لما باتَ يشْـكي الوَصْلَ في الحُبِّ ثاكِلـُهْ
ولو أنَّ قـُطعانَ الظـِّبا تأكلُ الحشا
لهانَ ، ولا أنْ تـُسْـتــذلَّ مَعاقِـلـُهْ
بهَجْر ٍ وإعراض ٍ على الميْتِ ضِدُّهُ
سَيُحْيـيهِ إن ماتتْ بغيض ٍ عواذلـُهْ
يمني الهوى في ظـُلْمةِ الهجْر ِ بالوفا
ويسألُ فِعـْلَ الغَدْر ، ما حَـازَ فاعِلـُهْ؟
ويفعلُ في نفسي الجوى فعلة َ الرَّدى
وفي مُـقبل ِ الأيامِ تسمو دلائلـُهْ
فيا ليتَ قاضي الحبِّ يقضي بهجـْرهِ
وإلا بوصْـل ٍ يـَبْـلـُغُ الكـُلَّ نائلـُـهْ
فأتعسُ من في الأرضِ نفسٌ تقطـَّعتْ
رحيلاً لمن بالحُبِّ ضاقتْ سواحِلـُه
فما أرْوَع َ الأيـامَ لولا شـُرورُها
وأروع َ هذا الحُـبَّ لولا مراجِـلـُهْ
ومنْ جرَّبَ الأيامَ أغناه بعضـُها
عن البعضِ وازدانتْ بماض ٍ نوازِلـُهْ
وكم جِئتُ في كفـَّيَّ قلبي أزفـُّهُ
لخل ٍ بدربِ الحُبِّ تـُضني مشاكِـلـُهْ
فأبعدَ عني الحُبَّ والحُبُّ نافرٌ
كما جاء غصْبـًا قد تولي مَحَـافِـلـُهْ
وقد يكرهُ الإنسانُ ما قد أحَـبـَّهُ
بجهل ٍوتجري بعد جَدْب ٍ جـَداولـُهْ
وما طاوعتْ نفسي الهوى بيد أنني
على غير وَعْـدٍ سالفٍ قد أقابـلـُهْ
كـَذا خُلِـقَ الإنسانُ تغريهِ نـفـْسُهُ
ومنْ مَبـْدأ الإنسان ِ تسمو منازلـُهْ
ويدفـَعـُني لؤمُ العدو وجهلـُهُ
وإني إذا طاوعتُ جَـهـْلي لقاتِـلـُهْ
بكفـِّيْ بشِعْـري بالتجاهُل ِ ساخِرًا
وخَطوي بدرب ٍ ليس في العمر واصِلـُهْ
أخاتِلُ بُغضي في رضى اللهِ ليتـَهُ
يـَكـُفُّ ويـَكـْفـِيهِ بـِطـَرفيْ تجاهـُلـُهْ
وما في الدنى أمرٌ جديدٌ سوى الردى
عليكَ وعلم ٍ ساد في الأرضِ باذِلـُهْ
رضيتُ بأمر ِ اللهِ في كلِّ حالة ٍ
وأسأله ُ أن تحتويني فضائلـُهْ
مددتُ يدي أرجوه علمـًا بجودِه ِ
وإحسانِهِ في الخـَلـْق ِ لو ضلَّ سائلـُهْ
ألا ربِّ أدْركني بعَـفـو ٍ ورحمـة ٍ
وهل خابَ من مُـدَّتْ لربي حبائلـُهْ؟








محمد الزمزمي الألمعي

18/ 11 / 1431هـ
رجال ألمع