الليلة المطيرة
يا طائرًا للنوى قلـَّبتَ أوجاعي
فقفْ على مدني وارأفْ بأضلاعي
كلـَّفتَني الصدَّ لا أقوى مُكابدةً
ولا خفوقي براضٍ عنكِ أوضاعي
جَلْدٌ على عَسِرِ الآمالِ تَحفِزُه
ومن سواكَ فؤادي للعُلا داعٍ
أقْدِم ْ ولا تََطْرُق الأعذارَ يطلبُها
أهلُ الهوينى سباهم كلُّ قَطـَّاع
من يطلب الحَصْدَ فليُسلفْ له عملاً
لا حاصدًا ثمرًا من دون زُرّاعِ
هذي ديارٌ لمن هَمَّ الثرى حملوا
روضًاغدتْ قد نحاها كلُّ نَجّاعِ
وأرضُ مَن بالكرى أطماعُهم رَضيتْ
أمست ْكما حَجرٌ يغفو بمقلاعِ
وليلةٍ عسفَ الداجي بأنجُمها
أبلَّ فيها هديرُ الشعرِ أسماعي
مَحبوكةٍ لا نجومٌ قد أراقبُها
ولا بها قمرٌ يقتاتُ إبداعي
سارتْ بها من طِباقِ الغيمِ قافلةٌ
يحدو لها صَرصرُ الأرياحِ بالقاعِ
حَنـَّتْ رواحلُها عند المسيرِ وقد
أنـَّتْ على الحِملِ واهتلـَّت بتَدماعِ
و لستُ أدري إذا ما الدمعُ أسعدَها
فعينيَ اليومَ جفـَّتْ غيرَ مِدماعِ
أهمتْ شآبيبُ شكوى الغيمِ في خفََرٍ
لها نشيجٌ كما شَجوي وإيقاعي
حتى إذا غلبتْ أحزانُها صرختْ
والرَّعدُ غَيظُ سحابٍ غيرِ مِطواعِ
رجـَّتْ به الأرضُ كالحيرى ونافذتي
والقلبُ مني به رعدُ النوى ساعٍ
كأن سُحْبَ السما إذ تاهَ مَسْلكـُها
سارتْ ببرقٍ على الآفاقِ سَطـَّاعِ
يُصبيْ شِفيفـًا من الأشعارِ أقرضُه
كالنُوقِ إذ حثـّها بَرْقٌ لتَرجاعِ
فسالَ دمعي و دمعُ الغيمِ يُسعفُه
يا مَرَّةَ الغيمِ كم سايَرْتِ أصقاعي
من كل ِّجَرداءَ تََدمى في تَخَدُّدها
ضاقتْ بصَيفٍ عن الإنباتِ منـّاعِ
فأجْدبَ العودُ حتى الشوكُ غادره
تذرو به ذارياتٌ ذرْوَ إخضاعِ
والطيرُ صادٍ ووجهُ القوم في كَلَحٍ
والحَرُّ كالحُكـْم لا يأتي بإقناع
سحَّتْ عليها غيومٌ ليلتي غدقـًا
حتى صباحٍ من الإسفارِ طـَلاّع
عالجْتُ فيها شُجونَ النفسِ أَحسِبُها
و النفسُ يا ليلتي تحيى بإرجاعِ
وذا صباحٌ أتى والناسُ تـَرْقـُبُه
في كلِّ بيتٍ رؤى الأحلامِ صَنـَّاعٍ
من أحمرِ التُرْبِ كالحِنـّاءِ خالطـَهُ
عطرُ الزهورِ إذا باحتْ بإيناعِ
يُرى إذا ما غديرُ الماءِ كلـَّلـَهُ
والشمسُ دارتْ على الدنيا بتَسْطاع
كأنه الطوقُ في جِيدٍ لغانيةٍ
لكلِّ معنىً يصيبُ الحُسْنَ جَمَّاعٍ
أحيى بريقًا بعينٍ في الأسى عَشِيَتْ
والقـَطْرُ يا ليلتي بُرْءٌ لأوجاعٍ
سبحانَ ربٍّ يَعُمُّ الخَلـْقَ نائِلـُهُ
حتى سِباعٍ عَدَتْ في سَهْوَةِ الرَّاعي
ربي لك الحمدُ موصولٌ أيا سندًا
يهدي إلى الحَمدِ عبدًا غيرَ مِقناع