غمّازتان


هيَ لثْمةُ الفجرِ المُؤَرّقِ ..؟ أم تُرى
ضاقتْ به سُجُفُ الجَّمالِ فأسْفَرا

ضَحِكتْ لبسْمتِها الرِّياضُ ، و بَسْمَلَ الـ
ـفلّ المُضوَّعُ بالأريجِ ، وكبَّرا

لمّا أطَلَّ على الخُدودِ بنوره
أيقنْتُ أنَّ الصُّبْحَ جاءَ مُبَكـِّرا

أندَى الشَّبابُ الياسمينَ بعطرِه ،
وبنشوةِ الحُسْنِ الأثيلِ تَبَخْتَرا

و بِبارِقِ العينين أمْطَرَ عسْجَداً ،
وأضاءَ بدْراً في الوجوه .. مصوَّرا

فالحسنُ مرسومٌ على وجَناتِها
: غمزاتِ شَهْدٍ في الخُدودِ ، و سُكَّرا

يا حُسْنَها : غَمَّازَةً ، عَسَفَتْ بفتـ
نتِها قلوباً : أنْ تَهيمَ و تُسْحَرا

تَرْمي العيونُ الناعِساتُ سهامَها
خُضْراً ، وما أحْلاهُ لحْظاً أخضَرا

سكِرَتْ بخَمْرتِها الحُروفُ ، فأمْعَنَتْ
عشْقاً بِما نَثَرَ الأريجُ ، وأثمَرا

حسْنٌ : تُسامِرُهُ الحلاوةُ مثلما الـ
ـروضُ النضيرُ إذا تبسَّم : أزْهَرا

عَشِقَ الربيعُ فتونَها ، واللحْنُ أسْـ
فَرَ عن بديعِ النَّظمِ فيهِ ، وجَاهَرا

* * *
لما رأتْني مُبْحِــراً مُتَلَمِّساً
سُبُلَ النَّجاةِ .. مُغامِرا و مُحاذِرا

مالتْ إليَّ تقولُ لي : بَلِيَتْ خُطا
كَ على الطريقِ .. تَرَدُّداً و تَعَثُّرا

لِمَ أنتَ مشدودُ الحَواسِ مُشَدَّهاً
بطيوبِ ما عَبِقَ الربيعُ وعَطَّرا

فاعْبُرْ - رعاك الله - ، عُمْ ( بِبَقِيَّة ٍ
من روعِكَ المبهورِ ) : تلكَ الأبْحُرا

ما أنتَ إلاّ مُذْهَلٌ . إنْ جِئْتُ : أخْلَدَ
باسماً ، وإذا ابتَسَمْتُ : تَسَمَّرا

* * *
ياحُلوتي غَمّازَتاكِ ، تَزيدُني ،
(إنْ ما تَبَسَّمَتِ الشفاهُ) : تَحَسُّرا

لا تظلميني إنّ قلبي مُدنفٌ
عِشْقاً بما شاءَ الإلهُ ، و قَدَّرا

ماأجملَ الأحلامَ . في اللُقْيا بِها :
أنْ أعْتـَلي نَجْماً وأُشرَبَ كوثَرا

* * *