الى الغالية زهراء المقدسية




مراجعة


َعلمِيني كيف أروض الروح في هذا المنفى، أعطني صدرك الجريح ، لكي يشرح لي لماذا عليّ أن أحيا، أعطني دفء دمك الذي اقرأه كما تقرأ الأسطورة .
أعطني، مهما كان النغم، أغنية الوطن البكر، أعطني مهرك الذي يركض لملاقاة الكواكب القصية، في لحظة الحب، ما يلزم المنفي من دواعي الحياة، أعطني ، ولو دون تقدمة حقه، روحك المهيبة التي تطلق العاصفة، أعطني لذة أن ابلل هذه الصفحة بدمي.
أي هيكل سأختار ، هل هو ذاك الذي وضعه الجبل على حافة النهر، أم ذاك الأخر الذي سرقه العصفور في الأفق بعدما قبل منتشيا زيتونة العاصفة؟، أعطني أن اختار.
لماذا من يدعون النبوة أكثر وحشية من الذئاب، قد أمرتني أن أحيا فأعطني الجواب، لا تكنسي الحلم ، لأنني غفوة ضياع، لان السماء تتخذني منارة ، والنجوم شفة موشومة، لان ذاتي تتناقص كل يوم وتضمحل، ولأني ثلج يذيبه ثلج.
في كل عصفور ينام بيت ، في كل يد مقدسة بندقية ، في كل شارع تقبع هوية ، في كل كاهن في كل شيخ في كل شماس وإمام تسكن قضية ، فأعطني هوية، بكاء على المآذن التي اختفت، بكاء على الثلج الكثير والنار القليلة، في كل شاعر تزوج مدينة تشتعل أعطني بيتا وبندقية.
أعطني صفصافة فقد أكل الجراد خضرة السهوب، وأعطني الإرادة، أنا السنديانة التي تتذكر ، أقرء في الغراب الذي يفقئ عيوننا جريمة من الفجر المريض، احرقوا عيونكم تتنبؤا بالحقيقة ، أعطني وردة ما تعلمت الكذب، أعطني ديكا لا يستخدم لتزوير الصباح، فمن عيوني سيخرج كل صباح شعب كامل من الموات، أعطني الكلمات، حتى اطهر ذاكرة البلاد وافصل بين القمح والرماد، والحصان والفجر، والحب والضلال ، بين الرجال و....، أعطني قَسَمَ الجبال، وأعطني الريح مخبأة في قربة كي أقحم البحار واقهر بوسيدون،أعطني الأفق الطلق لينتقم لنفسه وليدرك أن ثمة أحزانا لا يجوز أن يدنسها إنسان.
ابتعد اجر الشجر وينقص بيتي جدار، والشمس هرمت جاءتني وتدثرت في فراشي لتنام، بترت أصبعي فبكى الحجر، قطعت ذراعي فارتجف الجبل، فككت كتفي، فتوقف الشلال، انتزع ركبتي فتشنق نفسها نجمة، ارمي قلبي فتتوقف العنادل عن الغناء، فأعطني روحا كي أوزعها للبشر.
أكلمك من بين الضباب، أيكون ذلك طقسا خرافيا؟ اطلب السماح من عباد الشمس .أيكون ذلك وثنية؟.
" لاجزم " في المساء مذاق السكر، أيوافق ذلك أسطورة؟، أسافر كي اقبل عنق المرأة الصهباء يرعبني أنها كتلة ملح ، أيكون ذلك للتشبه بالجنيات المسنات مختفيات تحت البحر، يمزق الشاعر قصيدته الأولى قصيدته الأخيرة ، وزنه ونثره، أيكون ذلك خوفا من لغة تقوقعت؟، يرق شجر الليمون ، ويقطف الليمون نفسه ويمضي إلى المنفى، أيكون ذلك تكريما لشعور بالنعمة وبالسر العميق؟، أعطني نايا واذهبي بين اليمام وطنا وتكحلي حلما قصيرا.
ُمتُ يا أمي وارتاح قلبي، أربعين عاما أحارب حياتي ، كان علي أن أظل الولد المستاء، يغني نشازا ويجلب لك الجراد، ويفضل يدك تمسح شعره، ذهبت إلى القتال ، كان ذلك خطأي ، لم ارفض العمر، أحببت امرأة سواك، كانت تلك خيانتي، كتبت قصة فكانت المسافة بيننا ،تقمصت المسخ لأبعدك عن انتحاراتك، فأعطني يوما واحدا كي أكون أنا ، وكي أعطيك بقية الأيام.