ميقاتُك الطُّورُ

وارفٌ والظلالُ تشتعلُ
خاشعٌ والضلالُ يحتفلُ
جبلٌ ما هوى لحادثةٍ
أو ترامى لمَن به نزلوا
ها هنا مذْ قيلَ ائتِيا فأتى
معْهما للرحمنِ يمتثلُ
فقضاهُ مقدَّسًا أبدًا
فهو حبلٌ باللهِ متصِلُ
سُرّةُ الأرضِ أنت مذْ دُحيتْ
ومجازًا يُقالُ يا جبلُ
وثرى الطهرِ كلُّهُ حرَمٌ
غيرَ أنّ الأقصى هو المَثلُ
لأديمِ السماءِ أعيُنُه
وعليه مِن حَدْبِها مُقَلُ
مذْ لمسْتَ الحبيبَ ذاتَ مَسا
وجوى الشوقِ فيك يعتملُ
لاعجُ الحبِّ حينَ تنفثُهُ
كالصَّبا للحجازِ ينتقلُ
ليلةٌ تحسبُ الوجودَ لها
وسواها كأنه فَضَلُ
أنت للأنبياءِ معتكَفٌ
ولجبريلَ والمَلا نُزُلُ
حَطَّ في راحتَيك سيّدُهم
صفوةٌ بَيْدَ أنه رجُلُ
حين كانت إليك قِبلتُنا
صار فيك الهيامُ والقُبَلُ
رحلةٌ هاجت القلوبُ بها
فتهادتْ إليك ترتحلُ
جئتُ طُورَ الهدى على قدرٍ
وفؤادي من شوقِه عَجِلُ
هو ميقاتُ عاشقٍ رَمِدٍ
فدَعِ العينَ منك تكتحلُ
إنّ لي في ثراك والدةً
خانني في تذكارِها الأزَلُ
يا لَطفلٍ يا جَدّتي شبحٍ
زارَ مثواكِ وهو مكتهِلُ
برُبى الطورِ طُفتُ في وَلَهٍ
وفؤادي مِن وَجدِهِ ثمِلُ
ما يزالُ الفاروقُ عابقةً
بخُطاهُ الأنحاءُ والسُّبُلُ
لم يرُعْني تحتي سوى حُفَرٍ
لضِبابٍ في السفحِ تنجدلُ
بجوارِ الأطهارِ والشُّهَدا
يتمطّى مَن ربُّه هُبَلُ
شمعدانٌ يلوحُ شاهدةً
لقبورٍ ثوى بها السفَلُ
ما أصمَّ الرصاصُ واعيةً
فأزيزُ الرصاصِ محتمَلُ
بل هو الصمتُ بين أخوتِهِ
وأذانُ القدسيِّ معتقَلُ
في يديكَ الأقصى تضمّدُه
وقديمُ الجراحِ منبزِلُ
يا هسيسَ الزيتونِ منتحِبًا
فيك والتينُ خدُّهُ خضِلُ
حسبُهُ في الإسعادِ حين بكى
أولياءُ الرحمنِ والرسلُ
كلُّ دمعٍ فوق السفوحِ همى
هيّجَ المُزْنَ فهْي تنهملُ
وقناةٌ في جنبِهِ غُرستْ
هي في كلِّ مؤمِنٍ أسَلُ
..
..
باطلٌ شادَ دولةً وعَنَتْ
بالرضا عن فجورِهِ الدولُ
ستراهم في بُرهةٍ خرجوا
مِن فمِ البحرِ مثلما دخلوا
قصفةٌ من زيتونةٍ بيدي
تلقفُ الإفكَ..وانتهى الدجَلُ!