بوصلة

كلُّ المرافئِ للمُطارَدِ مؤصدة
ما انفكّ يوغلُ والمنايا مُرصِدة
النافثاتُ على المدى في وجهِه
والنابحاتُ على الثرى مستأسدة
ما كَلَّ بحّارٌ كما الصاري سَما
فوق العُبابِ ولا المراكبُ مجهَدة
بحرٌ وكثبانُ الضبابِ تعمُّهُ،
هل من منارٍ في المدى كي يرشدَه؟
القلبُ بوصلةٌ تشقُّ بسهمِها
تيهَ الخرائطِ والخطوطِ المُسْندَة
ملِكٌ رشيدٌ والجهاتُ تكالبت
فخُذي إلى أحداقِ مملكةٍ يدَه
وطنٍ من الأكبادِ يُقطعُ فلذةً
وارحمتاهُ كيف تُبرئُ أكبدَه؟!
لو كان يحيا دونَه لسلا،فسلْ
روحي أتسلو وهي فيه مجسّدة؟
تكتنُّ في صدفِ البحارِ وترتمي
في الشاطئِ الذهبيِّ قربَ زبَرجَدة
وتطيرُ طيَّ ضفيرةٍ شمسيةٍ
لتفيضَ حولَ قبابِه متنهّدة
تعلو بُخارًا تمتطيهِ غيمةً،
تنصبُّ فوقك قطرةً متجدّدة
وتشقُّ أنفاقًا إليك أظافري
طُرقًا من الشوقِ المذابِ معبّدة
أنا أفقرُ العشاقِ لكنّ اسمَه
في دفتري يُزري بكلِّ زمرّدة
جمعوا لقلعِك قضَّهم وقضيضَهم
ونسوا جذورَك في الترابِ مُرَقَّدة
زيتونةٌ مقطوعةٌ، مُلتاحةٌ
ظمأً وترضعُ من ثراها غرقدة
يتمالؤونَ على دمي،لم يكفِهم
ما حزَّ من لحمي "شِلوكُ" وقدّدهْ
لم يكفِهم وعدٌ على ملأٍ فكم
من خُطةٍ تنسلُّ تحت المنضدة
"بلفورُ" في كفِّ المُرابي خاتمٌ
رهنٌ لديهِ ضامنٌ ما أنقدَهْ
أألومُ من قهرِ المنافي أُمّتي؟
لا؛ أمتي في دارِها مستعبَدة!
فوق الرمالِ نحطُّ بُؤسَ رحالِنا
ومخيّماتٍ كالنعوشِ ممددة
كلُّ الخيامِ تلفّعتْ بشهادةٍ
مِن سابقٍ وبقيّةٍ مستشهدة
نعدو إلى الحرمِ الحبيبِ،لباسُنا
أكفانُنا،وسطَ السيوفِ مجرّدة
بيني وبينَك خندقٌ وقُريظةٌ
خلفَ الصياصيْ والبروجُ مشيَّدة
سيقوا لفيفًا كلُّهم لتبابِهم
وعدًا لهم واللهُ يُنجزُ موعدَهْ