ثاني اثنين

لك تاجٌ مضفَّرٌ بالغارِ
ثانيَ اثنينِ إذْ هما في الغارِ
حسبُك الآيُ شاهداتٍ بفضلٍ
كلَّما رتّلَ البراءةَ قاري
رضي اللهُ عنك ذاتَ سلامٍ
أفَراضٍ عن ربِّك الغفارِ؟
سابقٌ بالخيراتِ كلَّ سَبوحٍ
وطَموحٍ يشتدُّ خلفَ غبارِ
أُمةٌ وحدَه وما أمةٌ قد
رجحتْهُ في كفّةٍ وعيارِ
صدّقَ الوحيَ قبلَ ردّةِ طرْفٍ
ما اعتراهُ تلدُّدُ المحتارِ
قال أسلمْ فما تلكّأَ فعلاً
أو تأنى في ريبةِ الأفكارِ
نفثةٌ في القلبِ استقرّتْ فأضحى
مؤمنًا في مشيئةٍ واختيارِ
فطرةٌ حيّةٌ ونفسٌ صفَتْ وسْطَ
التياثِ النفوسِ في الأمصارِ
جبلٌ أنت راسخٌ رغمَ خطبٍ
صدّعَ الراسياتِ دونَ قرارِ
أسلمَ الروحَ خيرُ من نُفختْ فيه
وأفضى لربِّه خيرُ سارِ
حينما ازّلزلتْ بطيبةَ أركانٌ
ومِيزتْ مَراتبُ الأبرارِ
رقةٌ في مهابةٍ وخشوعٌ
مستفاضٌ على مُحيّا وقارِ
كهديلٍ وداعةً وعُقابٍ
إن دعا اللهُ أين هم أنصاري؟
ونُحولٌ يهتزُّ من عنفوانٍ
ملءَ بُرديهِ مثلَ عضبِ الشفارِ
سُنةٌ لم يشذَّ عنها عِقالًا
وثباتٌ في حومةِ الأخطارِ
لو أطاعَ الفاروقَ سُلّتْ مِنَ الدينِ
صلاةٌ وأُلحِقتْ بحُوارِ
يا أبا المسلمينَ إنا يتامى
لا نُراعى في ذمةٍ وذمارِ
مذ أشَحنا عن حوضِ أحمدَ كَشحًا
وسبَحنا غربًا مع التيّارِ
نحن مَن غَيّر المحجّةَ حتى
اخترَمتْنا مخالبُ الأغيارِ
شتتتْ شملَنا خطوبٌ توالت
وغزتنا الأعداءُ في عُقرِ دارِ
كلما قام فارسٌ عقروهُ
أو رموهُ بمارجٍ من نارِ
قل لخيرِ الورى بجنبِك يستغفرْ
لنا ثالثًا لكم في الغارِ
لك حقٌّ هيهات يُوفيه حرفٌ
غيرَ أني سكبتُهُ لاعتذار
قطرةً من بحرٍ خِضَمٍّ،سواه
ساقياتٌ قد سُميتْ ببحارِ
إنْ كبَتْ بي الحروفُ دونَ مقامٍ
فأقِلْني يا سيدي من عِثاري
قمرًا في الهُداةِ لا زلتَ مِن سامقِ
أوجٍ تُومي لهم ومدارِ
نَمْ قريرًا في روضةٍ وجنانٍ
يا ضجيعًا ثوى بخيرِ جوارِ.