الخروج من عنق الزجاجة

بصدرِك صحراءٌ وشيءٌ من الغضا
وقلبٌ بِغَيضٍ في العروقِ تمضمضا
تقدُّ الليالي جِلدَ نِضوٍ كشمعةٍ
وعاري ذُبالٍ ذوّبَ الدهرُ ما نضا
ودربُك يجترُّ الخُطى ويمجُّها
فلا غايةٌ نِيلتْ ولا كَدُّك انقضى
دياجيرُ ترتابُ العيونُ بحَولِها
فسيانِ إنْ فتّحتَ أو كنتَ مغمضا
ولا شمسَ ذادتْ عن مراياك عتمةً
ولا بارقٌ مما تمنيتَ أومضا
ومستقبلُ الأيامِ دعوةُ عاقرٍ
ولم يُستجبْ يومًا لها في الذي مضى
سواءٌ إذا أقبلتَ أو كنتَ كاشحًا
فما الحظُّ عطّافٌ إذا العمرُ أعرضا
ولستُ بمعتاضٍ من العمرِ جرعةً
نسيئًا وما من طبعِه أن يعوّضا
أنا عاجزٌ مستسلمٌ خارجَ الوغى
وما تتقي كفّي من السيفِ منتَضى
بجنبيَ سكّينٌ يلامسُ نصلُها
شغافي فأين الكفُّ تُوغِلُ مِقبضا؟
وبي رغبةٌ في ضجعةٍ أسفلَ الثرى
وفوقَ الثرى أرنو لكي يأذنَ القضا
أنا ساعةٌ رمليةٌ غَصَّ حلقُها
بنِصفِ زُجاجٍ شفَّ فيها عن الفضا
على هامشِ الدنيا يُزاحفُ ظلَّه
ويحبو من الإعياءِ شيخًا ممرَّضا
هرمتَ من الخيباتِ في ميعةِ الصبا
ولاحَ كزهرِ اللوزِ شعرُك أبيضا
ودنياك حبلى بالهمومِ كدأبِها
فعمَّ عساها الآنَ أن تتمخّضا؟
متاعٌ قليلٌ لم تحزْ بعضَ سقْطِه
ففيمَ التأَنّي والقليلُ تبعّضا
إذا رضي الأغرارُ واستمتعوا به
فلي حسنُ ظنٍّ أن أرى بعدَه الرضا
مضيقٌ وفي أُخراكَ مندوحةٌ فطِرْ
لأطولَ من هذي الديارِ وأعرضا