زَهَتْ السّمـــــاءُ فقد أهــــلّ هلال
والأرض تشـــــدو والربى تختالُ
والطير حلّـــق في الفضاء مغرداً
وتمايـــــــلت خلـــف التلال تلالُ
وافترّ ثغـــــر الخافقيْـــــن حفاوةً
والكون في لغــــة الهـــوى موّالُ
إنّا هنا الكرمات في عنــــــقودها
والجذرِ منها قصـــــّةٌ ومـــــــقالُ
هي عرضُنا هي أرضُنا ولنا بها
وعلى ثراها مولـــــــــــــدٌ ومآلُ
مرّت عجافٌ مثقلاتٌ بالأســـــى
وتحوّلـــت من حولــــنا الأحوال
ركبُ الــــــودادِ وقد تقاذفه النوى
وتبعثرت في جُـــــــبِّنا الأوصالُ
أأراه في الجوديِّ من قلبي استوى
أو حلَّ مــن بعد الشّــتات وصالُ
دارت ليالي البـــؤس مع عتماتِها
وانـــــزاحت الكُرُبات وهي ثقالُ
وأرى الطوى ومرارة الأسر انطوى
وتحقّقـــــــت رغم العـــــنا الآمالُ
بعد الجوى عطَشُ الفؤاد قد ارتوى
والمزنُ في أرواحِــــــــــنا هطّالُ
هذي الديار لنا ونــحن شموسها
ولأنت فيـــــــــها يا عدوُّ ظلالُ
فالشمـــــــس باقيةٌ إذا بقت الدّنا
ومصير ظلِّـــــك كالهباء زوالُ
ميراثُ يوسفَ للمعــــالي موئلٌ
من صلبِهِ يتـــــــــخرّج الأبطالُ
وكما القطا خلفَ الحديدِ صغارُنا
نضجَتْ عقولُــــــهمُ وهم أطفالُ
كَبُرَت على وقعِ الأســــنّة سنُّهُم
لكنّــــــــــــهم في النائبات رجالُ
يا ســارق الأحلامِ من أحــلامنا
أبشـــــر فظلمُكَ يا غشومُ محالُ
تهديدُكُــــــــــم ما أُشرِبَتهُ قلوبُناُ
وَ لُعــــــــــابُنا للمالِ ليس يُسالُ
فهُنا الشُّموخُ إليك منه مـــدارساً
من نـــورها تتــــعلّمُ الأجيــــالُ
وخريطةً للجيــلِ في درب العلا
لتُريهِمُ الأمـــــجادَ كيــــفَ تُنالُ
قد خِبتَ تقلــــعُ جذرَنا بعواصفٍ
فبوجــــه ريـــــــحِكَ إنّنا لجـبالُ
من صبرِنا قَفرُ الغياهبِ أزهرت
وتحطّمت من عزمِنا الأغـــــلالُ
نهــــوى المنيّة نفتدي أوطــانَنا
أمّا الدّنيّـــــةُ عـــندنا فمحـــــالُ
ورحى الليــــــالي بيننا ولنا بها
قـــــومٌ على عهد الوفا لا زالوا
سيعود في ركب البــطولةِ خالدٌ
ويعود يهتـــف للفـــــــلاحِ بلالُ
وترى الحقيقة بعد ذلك تنجــلي
ويَبـــــينُ أنّــــك كالسّرابِ خيالُ.