روحي تحنُّ ودمعُ العين رقراقُ
والخطوُ تسبقهُ يا قدس أشواقُ
وليس غيرُكِ في قلبي له سكنٌ
وما لغيركِ نبضُ القلبِ خفاّقُ
وقُبلةُ الشمسِ فوق جبينِكِ انطبعت
ففاض منكِ لوجهِ الكونِ إشراقُ
مسكٌ يضوع على ثراكِ عبيرُهُ
منكِ النسيمُ لمضنى الروحِ ترياقُ
ماذا أقول وقد نابتكِ نائبةٌ
فأظلم الكون كُفّت فيه أحداقُ
فداكِ مهجةُ قلبي لو قبلت بها
فدمي لحبِّك يا قدساه يُهراقُ
أغضُّه الطرفَ إشفاقاً فتطرقني
فيه الحوادثُ لا باب ولا طاقُ
كالليل أسدلَ أستارَ الظلامِ به
فالظلم في طبقٍ تعلوه أطباقُ
هي المآذن في ترتيلها حَزَنٌ
ودمعها الحَرُّ فوق الجيدِ رقراقُ
ناديت علّ هنا في الساح من عمرٍ
فعاود الصوت بل في الساح إسحاقُ
أطوي الزقاق فلا ألوي على أحدٍ
فالدرب حنّ وأنت فيه أسواق
ما للمآذن والساحاتِ صامتةٌ
ما للمشارب لا ساقٍ ولا ساقُ
ومنبر القدس قد صابته غائلة
ومسجد القدس قد عضّته أشداقُ
أكابد الجرح والآهات أطلقها
وللنوائب أغوارٌ وأعماق
يا سوأة الدهر هل تبكي مآذننا
ودون مسجدنا صَدٌّ وإغلاقُ
حرائر القدس ترنو أين معتصمٌ
هل هدّه الجهدُ أم أعياه إرهاقُ
الريح حركها للقدس نائبةٌ
حتى الثرى فاق والحكام ما فاقوا
في عقلهم سَفَهٌ في قلبهم عَمَهٌ
في القدس ليس لهم كفٌّ ولا ساقُ
ناموا على الذل لا ما عاد يؤلمهم
نسف المنازل أو هدم وأنفاقُ
كأنما هم قطيعٌ قد تقدّمهم
راع يسوق وهم من خلفه انساقوا
الخطب فيكم ولاة الأمر فانصرفوا
إن قرر الشعب عتقاً كان إعتاقُ
دعوا السفينة تمضي نحو شاطئها
لا تركبوا فيصيبُ الركبَ إغراقُ
لا تخفقوا علماً لا تمشقوا قلماً
قد كان يكفي أُهَيْلَ القدس ما لاقوا
طوت على العز فلتطووا دراهمَكم
فليس يرهبها في الحق إملاقُ
شبت عن الطوق لا طوقٌ يطوّقها
ولو تزاحم خلف الطوق أطواقُ
يا قوم أين صلاح الدين يرجعها
أليس فيكم لساح القدس عشّاق؟؟
شدوا الحسام ولا تصغوا لمهزلةٍ
لن تُرجعَ الوطنَ المسلوبَ أوراقُ
يا عصبة البغي لا تطوي على سفهٍ
غدا سيصحو بساح القدس عملاقُ
من رحم بغيكم اشتدت سواعدنا
فقد بعثتم رجالا للوغى اشتاقوا
جئنا وفي يدنا الموت الزؤام لكم
وفي كنانتنا نارٌ وغسّاقُ
فالحدّ إن به حداً لباطلكم
والسيف فيه لرأس البغي ترياقُ
غداً نرى عهدةً في القدس ثانيةً
يكون في ظلها للحق إحقاقُ
يا صخرة العز لا تبكي ففي غدنا
للحق نصرٌ وللباغين إزهاقُ