ملاحظة كنت قد أنزلت هذه القصيدة قديما باسم بنت المسرى..وهاأنذا قد عدت وأنزلتها باسمي الصريح.
كنت طفلاً داعبَ النسمات فجراً إذ سرى
قد رأيت البِشر حولي حين جافيت الكرى
ألمسُ العطر بصدري وبوجداني أرى
أضحت الأكوانُ حولي بحرَ نورٍ أزهرا
تلك أحداقٌ تغني تستميل الزعترا
وعيون اللّوز تجلو في فؤادي البصرا
وأنا أخنسُ حيناً بعده كي أظهرا
نثر الكونُ أريجاً وبساطاً أخضرا
ذاك يلهو ذاك يرنو ذاك في الساح جرى
ذاك باع الحبّ ورداً ذاك بالحبّ اشترى
عنبرُ الأزهار في الأفق يفوق العنبرا
وخريرُ الماء في الأنهار شلالاً جرى
حطّت الأطيارُ حول العشبِ حتى تصفُرا
وكأنّ الكونَ في حفلٍ دعا كلّ الورى
أبدع الباري وهذي لوحةٌ مما برى
كدت من نشوة روحي أن أحاكي الحجرا
قد فرشتُ الزهرَ مهداً وتوسدتُ الثرى
أعزفُ الناي وأطياري تهزّ الوترا
في رياضٍ قد قضى العاشقُ منها وطرا
فإذا ما الشمس ولّت والضياءُ انحدرا
بتُّ أرتادُ المعالي كي أناجي القمرا
أقطفُ النجماتِ ماساً في الليالي دررا
أركبُ المزنَ الى الأفلاكِ أبغي سفرا
يا خليلي هل ترى الكونَ كما أني أرى؟؟
إنه النجمُ إذا أقبلتَ منه استترا
يغمزُ الرائي بضوءٍ ثم يخبو أخَرى
أنا يا صاحِ مع الأقمار وثّقتُ العُرى
وجعلت الكونَ في الأحلامِ يغدو فِكَرا
شهَقَ الصَّخُر ونورُ النّجمِ حولي زفَرا
ثمّ لمّا ولّتِ الأحلامُ والطيفُ سرى
وتلفّتّ فما ألفيتُ حولي أثَرا
وإذا بالطِّفلِ كهلٌ عمرهُ قد شُطِرا
وإذا الآذان تشكو في البرايا وقَرا
عندها ألفيتُ قلبي بالبكاء انفجَرا
قدّر اللهُ أيا قلبُ وهذا بعضُ ما قد قدّرا
ربّ إنّ القلبَ مني بالأماني انبهرا
فاجعل اللهم فيك الحبّ يا ربّ الورى
إن زرعنا الأرض غرساً ثم صارت شجرا
فاجعل الجنّة داراً نجنِ فيها الثمرا.