صرخة الصمت

إلى ذلك الطير الذي هاجــر بعد أن مــلَّ مــن الـغــنــاء على النافذة ،
ولم يــجــد أذناً مصغيةً ، فأرسلها صرخةً صامتةً بلا صوتٍ ولا صدى ،
ورحل رحيل مَنْ لا ينوي رجوعاً
:
صرخةُ الصمتِ وللصمتِ مــدى
دونَ صوتٍ جَلـْجَـلَتْ دونَ صَدَى
هَتَفَتْ حُبّاً شـَجـِيّاً لـَحــْنـُهُ
مثلما شادٍ على قـَبْرٍ شــدا
قد يُغـَـنَّيْ الطيرُ في مَذْبَحـِهِ
وَزُعافُ الموتِ في حَدِّ الـمُدَى
وفـُؤادي هَبَّ مِنْ غـَفـْوَتِهِ
بعدَ أعوامٍ بها قد رَقـَدا
أَيْقـَظَتْهُ صَرْخَةٌ صامتةٌ
فانثنى سَيْراً على غيرِ هُدَى
يَرْسُمَ الـخـَيْبَةَ في أمسٍ مضى
وَغـَدٍ ما أتـْعَسَ الحظَّ غدا
حاضرٌ يّذْوِيْ وماضٍ وغدٌ
هكذا عُمْرِيَ قد ضاعَ سُدَى
أيُّها الـحُبُّ تأخرْتَ فـَدَعْ
لَوْمَ مَعـْذورٍ إذا العُذْرُ بَدا
يا فؤاداً نـَبَتَ الـحُبُّ بهِ
وَنـَمَا تـَحْتَ ظلامٍ أَسْوَدا
قبلَ حِـيْنٍ بَدَأتْ رِحْلَتـُهُ
بئسَ _ إذ فاتَ الأوانُ_ الـمُبْتَدا
يا حبيباً بَاحَ بالـوُدِّ الذي
ظلَّ مكتوماً على طُوْلِ الـمَدَى
لا تـَسَلـْنِــيْ كيفَ لم آبَهْ بهِ
لـَسْتُ بالسِرِّ عليماً أبَدا
جاءَ مَنْ يهواكَ فـَلـْتـَهْنأْ بهِ
إنّ سُوْقَ الـحُبِّ عنديْ كَسَدا
فـَاغـْنَمِ العُمْرَ نعيماً غامِراً
وَاحْيَ في الحاضرِ عَيْشَ السُعَدا
وَدِعَ الأمسَ وما مَرَّ بهِ
إنَّ أحلى العُمْرَ تلقاهُ غدا