لماذا قطعتَ الطريقَ عليّا !؟
.
.
مهداة إلى الشاعر الكبير : يحيى السماوي
مبدع :" لماذا تأخرتِ دهراً عليّا ؟!
"


أقولُ ،

وقد وَهَنَ العَظْمُ مِنِّي ،

لِمن ، في صبايَ ، تغرَّبْتُ عنها ،

وظلَّتْ تعيشُ ،

وتسكنُ فيَّا :



هنا ،

حيث دام المؤقتُ دهراً ،

وكدتُ أموتُ اشتياقاً ، وقهراً ،

أحاولُ تقريبَ ذاتي ، لذاتي

وتذويبَ كلِّ الفروقِ التي ،

بين مسقط رأسي ،

وهذا الشتاتِ

وتهذيبَ ما لهما من صفاتِ

أُضيفُ لهذا ،

وأنقِصُ من ذاكَ ، شيَّا فشيَّا

إلى أن يصيرَ الثرى ،

كالثريَّا ..!




أحاولُ إقناعَ نفسي ،

بأنَّ جميعَ الترابِ سواءٌ ،

وأنِّي غداً ،

سأكونُ على ما يرامُ ،

وسيَّانَ عندي ،

إذا عُدتِ ،

أو لم تعودي ، إليَّا !




هنا قمرٌ ،

ونجومٌ ، وشمسٌ ،

كتلكَ التي ، في سمائكِ كانت ،

وأرضٌ ،

أسيرُ عليها ، وأبكي ،

وأشربُ من مائها ، وأعيشُ ،

وأشهقُ منها هواءً نقياً



هنا ، حيث قارَبَ حزني مداهُ

وبتُّ كظيماً ،

بدأتُ أشكُّ ،

بأني غداً سوف آتي بصيراً ،

فأنتِ قميصُكِ ضاعَ ،

ولا شيءَ ، بعدكِ ،

يرجعُ لي ناظريَّا ..!



هنا ، لي عصايَ التي

أتوكَّأُ ، حين أسيرُ ، عليها ،

ولا أستطيعُ ، بها ، أن أهشُّ ،

على أي شيءٍ ،

وما ليَ فيها ، مآربُ أخرى ،

أنا ، يا حبيبةُ ، ما عُدتُ ذاكَ الصغيرَ ،

الذي تعرفينَ ،

فمِن كِبَري ، قد بلغتُ عِتِيَّا ..



فوا أسفي !

هل أقولُ "عليكِ " ؟! ، تُرى

أم أقولُ " عليَّا " !؟



بدأتُ أشكُّ ، بأنِّي سأبقى ،

إلى أن أراكِ تعودينَ ، حيَّا !


فكيفَ ، وأنتِ رفيقةُ عمري

سأنفضُ منكِ ،

ومني يديَّا ؟!


أحاولُ ، في آخر الوقتِ ، أن أسبقَ الوقتَ

أسرعتُ ، أبدعتُ ،

أعددتُ ، لابني ، الوصايا ،

ودوَّنتُ ما كان لي ، منذ كنتُ ،

وما لم يكنْ لي ،

ليصبحَ ، بعدي ، عليهِ ، وصيَّا



أحاولُ أن أسبقَ الوقتَ ،

أن أضعَ اللمساتِ الأخيرةَ ،

في اللحظاتِ الأخيرةِ ،

تبَّاً !

تذكَّرتُ ، جاري الذي كان أصغر مني

ببضع سنينَ ، ومات حديثاً ،

فموتي من الشوقِِ ،

يا نخلةً في " النصيراتِ " ،

كانت ، إذا ما رأتني ،

تُساقِطُ حوليَ ، حَبَّا جنيَّا


ويا بحرَ " غزةَ " ، لا تنتظرْني !

وسلِّمْ على شطك الذهبيِّ ، ورملٍ ،

لهوتُ عليه ، صبيَّا ..


ويا كلَّ من عرفوني صغيراً ،

سلامي ، لمن لم يمتْ بعدُ منكم !

أنا اسمي " خميسُ " ،

فهل تذكرونَ " خميسَ الصبيَّ الشقيَّا " ؟!



أنا المتفائلُ ،

أصبحتُ أحيا على ذكرياتي ،

ولا أتخيَّلُ أنَّا سنرجعُ يوماً

لنلعبَ ، مثل زمانٍ ، سويَّا ..!

.
.
.
أقولُ ،

أقولُ كلاماً غريباً ،

وأعجبُ منهُ ومني ،

إذا ما رجعتُ إليهِ ،

وفكَّرتُ فيه مليَّا ..!



أنا المتفائلُ ،

والمتشائمُ ،

والمتسرعُ ،

والمتردِّدُ ،

والمتعدِّدُ ،

والـ ..

لستُ أدري ! ،

أحبكِ ، يا بلدي ، وكأني

جُننتُ ، وما عدت شخصاً سويَّا !
.
.
.
أقولُ ،

لِمن باع " حُلْمَ رجوعي" الجميلَ الذي ،

كانَ أجملَ شيءٍ ، لديَّا


لماذا قطعتَ الطريقَ عليّا !؟


وفاوضتَ باسمي ؟!

وعن كل شيءٍ ،

تنازلتَ باسمي ؟!

لماذا ، وصوتُ رصاصِ العدوِّ يُدوِّي ،

هنا وهنالكَ ، في كل يومِ

تفرُّ ، وتتركني للكلابِ ،

لتنهش لحمي وعظمي ؟!

وأينَ رصاصُك أنتَ ،

متى ،

سوف نسمعُ صوتاً ، لهُ ،

ودويَّا ؟!

.
.
أقولُ ،

لمن صنع المعجزاتِ ،

ومرَّغَ ، في وحل "غزةَ " ،

أنفَ الغزاةِ ،

سَلِمتَ ،

وعشتَ عزيزاً أبيَّا ..
.