هو الفقد !

إلى من _ و قد فاضت _ أبثُّ شكاياتي
و نار الأسى والويلِ تلهب آهاتي؟!
تُهدْهِدُها الآلامُ ساخرةً بها
كما هدهدتْ _ هُزْءًا _ رياحُ الشقا ذاتي
إذا سكَنَتْ هزَّتْ كياني, و بعثرَتْ
صمودي, و أورتْ في الحشا زندَ أنَّاتي
و إنْ عصفتْ جزَّتْ سكوني , و أيقظتْ
شجوني, و أحيتْ في فؤادي الجراحاتِ
تكلَّفْتُ صبرًا حين شطَّ بيَ النَّوى
و أبحرَ بي تيَّارُه الزاخر العاتي
فذاب اصطباري _ ويح صبري _ وعزْمتي
ذوت .. مثلما يذوي ظلامُ انثيالاتِ
أ أطوي الأسى و الوجد بين جوانحي
و أحمل _ كرهًا _ لاعجي بين طيَّاتي ؟
أ أنشر مكنون الضمير و ما اختفى
سطورَ لهيبٍ في أضابير لوعاتي؟!
و إنْ ذاك أو هذا ! أ يصغي ليَ المدا
فيبسطَ لي في الكون كفَّ مواساةِ
سأسلو .. و هيهات السلوُّ وخافقي
رهين الأسى .. يرثي لحوني الأسيراتِ
و في خافقي ناعي التجلُّدِ قائمٌ
و في خافقي رجْع الردى ذاهبٌ آتِ
يُناغي الشجا روحي .. رفيقين .. كالهوى
و قلبِ مَشُوق شام إيماض لذّاتِ
و لكن ما بين المشُوق و مهجتي
كما بين نيرانٍ تفور وجنَّاتِ
إذا ضمَّني و الصًّحبَ نادٍ نفَحتُهمْ
عبيرَ أمالٍ رائقاتٍ و أبياتِ
و كنتُ إذا شمس ُ الكآبة ألْهَتْ
نفوسَهمُ .. ظلًّا كأفْياءِ دوحاتِ
سمَوا بي إلى هام الذُرى في انتِشــائهمْ
و في الويل قد غصَّ الحضيض بِغاياتي
يخالون رقصي بينهم رقـصَ مُنْتشٍ
طروبٍ .. حباه الدّهرُ كلَّ الهناءاتِ
و ما أنا إلاً طائرٌ راقصٌ على
مُدى الذبح من آلامِ زُرْقٍ مَهُولاتِ
ذروني , وأشجاني .. أخوض غمارها
وحيدًا بأحلامي البواكي البريئاتِ
و حسبي يراعٌ صاغ في دفتر الشقا
وُجودي , و لم يُخْلِدْ حروف انتصاراتي
محا أسطرَ العزم الفصيحةَ في دمي
و صحَّف آيات الإباء البليغاتِ
و لستُ ملوماً حين ناءتْ بهيكلي
جبالُ همومٍ منهكاتٍ مُمِضَّاتِ
تذوقت زقُّوم الحياة و صابَها
على الكُره , و استمرأْتُ كُلَّ المراراتِ
فما انحلَّ عقد من حبائل همتي
و لا محت البلوى سطورَ فتوحاتي
إلى أنْ عتا دهري عُتوَّ مُناوئٍ
تغلغلَ في أحشائه جذرُ ثاراتِ
عليَّ له في نفسه جامُ دُخْلَةٍ
تسعَّرَ كالبركان .. يجتاح ساحاتي
نهاري و ليلي بين أرحاء جيشهِ
جريحان .. مكلومان .. ساقا معاناتي
و لبِّي نفاه الطرْفُ من مستقرِّه
إلى هُوَّةٍ مُذ شام برق نهاياتي
كذا .. فلْيذُبْ شمعُ الهناء و ينقصفْ
ببستان أحلامي غصونُ مسرَّاتي
فقد كُسِفت شمسُ المنى عن محاجري
و زُلزِل إدراكي , و هِيضَتْ إراداتي
هو الفقد .. إنْ سِيمَ الفتى لذعَ ناره
رواه لسان الويل قصَّةَ مأساة


رحمك الله أمي