على شُرفةِ الليلِ والليلُ ساجِ وَنَسْماتُ تَشرينَ تُذكِي اهْتِياجِي
تَذَكَّرْتُ جَانا وَهَمْساتِ جَانا فَسَالتْ دُموعِي بِصَمتِ الدَّياجِي
وَصِحْتُ أيا ليلُ إنّي كئيبْ وَمالِيَ مِنْ بَعدِ جَانا حَبيبْ
فَما أسْمَعَتْ صَرَخاتِي الدُّجَى وَلا آنَسَ القلْبَ حَتّى الصَّدَى
وَمَالَتْ زَوَابعُ تَشْرينَ نَحْوِي فَمِلْتُ كَغُصْنٍ إلى الارْضِ يَهْوِي
وَجَانا تلوحُ كَبَرْقٍ بِفِكْرِي وَقَصْفُ هَواهَا بِروحِيَ يَدْوِي
تَهَافتُّ أسْمَعُ أنفاسَها وَألمسُ في البَرْدِ إحْسَاسَها
فَما أيْقظَ الليلَ مِنَي البُكا وَلا آنَسَ القلبَ حَتّى الصًَّدَى
وَسِرْتُ وَنفسِي مُثَقَّلَةٌ بِآلامِ أمْسِي وَخوْفِ غَدي
وَبي مِنْ تباريحِها نَوْبَةٌ تَجيءُ وَتمْضِي بِلا مَوْعِدِ
وَردَّدْتُ: إنّي سَئِمْتُ الوُجُودْ وَأنَاتِ وَجْدي بِقلبي العَمِيدْ
فَمَا أيْقظَتْ صَرَخاتي الدُّجَى وَلا آنَسَ القلبَ حتّى الصّدَى
سَكَنْتُ بِحُبِّكِ مُنذُ التقيْنا فَما هَمَّنِي العُمْرُ يا مُنْتهَاهُ
أنَا مَا وَعَيتُ- لِقُربي- هَواكِ فلمَّا ابْتعَدْتِ عَرَفتُ مَداهُ
كَأنِّيَ طِفلٌ أمامَ الجِبالْ يُحَدِّقُ فِي قِمَّةٍ لا تُطالْ
صَرَخْتُ مِنَ السَّفْحِ نَحْوَ الذُّرَى فَما آنَسَ القلبَ حَتّى الصَّدَى
وَجاءَ الصَّباحُ يَغُذُّ الخُطَى كَأنَّ الصَّباحَ لِحَالي رَثا
وَلامَسَ قلبي كَحَبِّ النَّدَى وَضَاعَ الدُّجَى كَضَياعِ الصَّدَى