زمن السخافة



دعْ عنكَ أوهام القصيدةِ و احتضنْ زمنَ السخافة

ما عاد جهمٌ أو علاءٌ في المعرةِ و الرصافة

حلم القصائدِ لن يُشكّل أيّ معناً أو إضافة

فاحفظْ لنفسكَ في المسايا عن غوايتها مسافة

و البسْ قناعاً من عجينٍ و انتعلْ دربَ الحصافة

أو خذْ لرأسكَ وجهَ من قصدوا ميادين الصرافة

كنْ بيدقاً في رقعةٍ يحمي سلاطين الخلافة

أو موطئاً للدوسِ تعرفهُ (بساطير) القيافة

أو كنْ كفأرٍ جُحرهُ قد صار بيتاً للضيافة

أو كن طويلاً شامخاً من دون عقلٍ كالزرافة

كنْ زئبقاً أو كنْ كطيفٍ دون حجمٍ أو كثافة

مُتَأرجِحاً في خفةٍ بين الحقيقةِ و الخرافة

كنْ كالنعامِ و لا تكن في حضرةِ الحكامِ آفة

تبقى طريفاً في بلادٍ كلّ ما فيها طرافة

لا تبتأسْ إن علموكَ العيش في ثوبِ الرهافة

فبدأتَ من نادي الهوى و عرفتَ أصنافَ السلافة

و أكلتَ أجساد المَها و خَتمتَ يومكَ بالكنافة

و صَنعتَ كرشاً مُضحِكاً حدَّ التندّرِ و الظرافة

و رجعتَ تبحث في كتابِ الطهي عن طرق النحافة

و جلستَ تمضغ حسرةً ما بين كأسكَ و اللفافة

زمنُ المسرةِ يا صديقي لا تقلْ زمن السخافة

فإذا عزمتَ على بقاءٍ فوق أرصفةِ الصلافة

و إذا هجرتَ طقوسنا و نبذتَ أروقة اللطافة

فلسوف تحيا تائهاً و لسوف تفضح في الصحافة

هدفاً ستبقى دائماً لجهودِ عمّال النظافة

هذي بلادكَ أصبحتْ تحيا على جثثِ القرافة

و زمان دجّال تَدثرَ بالخبائث و العرافة

مدنٌ تبلّدَ حسّها لا أمن فيها أو مخافة

فلكي تعيشَ بوفرةٍ كجميع أصحاب النيافة

في غفلةٍ لا ترتكبْ جرمَ القصيدةِ و الثقافة