اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. عمر جلال الدين هزاع مشاهدة المشاركة
طَيْف

,,,,,
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
,,,,,


لَيْلَى , وَ لَيْلُ البُعْدِ أَرَّقَنِي سُدَى=وَ حُمُولَتِي قَهْرٌ ثَوَى وَ تَمَرَّدا
وَ مَنَابِعٌ لِلْحُزْنِ فَاضَتْ فِيْ دَمِيْ=وَ مَضَتْ لَيَالِيْنَا وَ أُنْسٌ أَسْعَدا
وَ تَزُوْرُنِيْ ذِكْرَاكِ يَا لَيْلَى فَلَا=أَحْظَى سِوَى بِالدَّمْعِ ثَوْبًا يُرْتَدَى
وَ أَرَاكِ فِي كُلِّ الثَّوَانِيْ هَهُنا=بَيْنِيْ وَ بَيْنِيْ , أَمْسَ عِشْقِيَ وَ الغَدا
وَ يَذُوْبِ هَمْسُكِ فِيْ ضَميْري أُغْنِيَا=تٍ , نَاعِسَاتٍ مِثْلُ رَجْعٍ لِلصَّدَى
فِي غُرْبَتِي أَشْتَاقُ وَجْهَكِ مَاطِرًا=وَ غَمَامُ دَمْعِي فِي العُيُونِ تَلَبَّدا
وَ أَحِنُّ لِلصَّوتِ الغَريدِ إِذَا هُنَا=شَهَقَ الكَنَارِيْ , فِي دُجُنِّيَ غَرَّدا
وَ تَلُوْكُنِيْ فِيْكِ القَوَافِيْ كُلَّمَا=سَامَرْتُ طَيْفَكِ تَائِهًا وَ مُشُرَّدا
هَلْ يَا تُرى لَيْلَايَ يَفْطرُ قَلْبَها=طَعْنُ بِسَيْفٍ , فِي ضُلُوعِيَ جُرِّدا ؟
أَمْ يَا تُرى تَخْتَالُ ضَاحِكَةً هُنَا=كَ فَلَا تُحِسُّ بِمَا بِجَوفِيَ مِنْ رَدَى ؟
أَتُرَى هُنَاكَ هُنَا ؟ وَ أَنَّ هُنَا هُنَا=كَ ؟ لَعَّلَنَا طَيْفَانِ تَاهَا فِي المَدَى ؟
وَيْحِيْ أُرَاقِبُكِ - المَسَاءَ - بِخُطْوَةٍ=تَخْطِيْنَها حَجَلًا تَمِيْسُ وَ هُدْهُدا
فِيْ ظُلْمَةِ الِإلْحَاحِ أَنْظُرُ لِلضِّيَا=ءِ , وَ نُوْرُ وَجْهِكِ قَدْ سَبَاهُ فَبَدَّدا
أَتَلَصَّصُ النَّظراتِ أَسْتَرِقُ الجَمَا=لَ بِفِكْرَتِيْ وَ أَبِيْتُ فِيْكِ مُسَهَّدا
فِي رُدْهَةٍ بِالْبَابِ , لَيْلَى تَعْبُرِيْ=نَ بِخُطْوَةٍ , وَ هُنا الخَيَالُ تَمَدَّدا
قَدَمَاكِ أَحْرَقَتَا بِسَاطِيَ فَاسْرِعِي=بِالعَدْوِ قَدْ بَاتَ البِسَاطُ مُجَعَّدا
لَوْ أَنَّهُ يَشْكُوْ لَصَاحَ مُجَلْجِلًا=وَ لَوَ أنَّهُ يَقْوَى لَهَاجَ وَ أَرْعَدا
فَإِذَا تَجَاوَزْتِ البِسَاطَ لِغُرْفَتِي=وَ مَدَدْتِ نَحْوِيَ بِابْتِسَامَاتٍ يَدا
قَفَزَ الوَرِيْدُ بِنَهْدِكِ المَسْبُوْكِ مِنْ=لَهَفٍ إِلَى صَدْرِيْ لِكَيْ يَتَنَهَّدا
وَ إِذَا - تَنُطِّيْنَ - العُطُوْرُ تَضَوَّعَتْ=مَا بَيْنَ خَاصِرَتَيْكِ بَلَّلَها النَّدَى
هَيَّا إِلَيَّ , قِفِيْ أَمَامِيْ وَ ارْفَعِي=كَعْبَيْكِ لَمَّا تَرْقُصِيْنَ تَبَغْدُدا
وَ تَحَفَّزِيْ قَبْلَ الهُجُوْمِ عَلَى فَمِيْ=وَ دَعِيْ حَيَاءً - فِي الهُجُوْمِ - تَرَدَّدا
صَرَخَتْ خَلَايَايَ احْتِضَارًا فَامْدُدِيْ=شَلَّالَ شَعْرٍ هَاجَ فَوْقِيَ أَسْوَدا
وَ دَعِيْ زِنَادِيَ قَادِحًا مَا دُمْتِ فِيْ=نَجْوَايَ لَا لَنْ يَنْطَفِيْ , لَنْ يُخْمَدا
لَيْلَى , تَعَالَيْ فِي فِرَاشِيَ إِنَّنِي=صَعِقٌ وَ قَبْلَكِ كُنْتُ صَلْبًا جَلْمَدا
فَدَنَوْتِ فِي كَفِّ البَهَاءِ حَضَارَةً=شَرْقِيَّةَ القَسَمَاتِ دَامِيَةَ المُدَى
وَ وَقَعْتِ فِي صَدْرِيْ كَنَصْلَةِ قَابِضٍ=كَمْ لَاحَ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ مُهَدِّدا
وَ أَرَاكِ تَنْدَسِّيْنَ قُرْبِيَ ثَوْرَةً=وَ تُعَمِّدِيْنِي بِالَّلهِيْبِ تَصَعُّدا
تَتَنَقَّلِيْنَ عَلَى اشْتِيَاقِ غَرِيْزَتِي=هِرًّا تَمَادَى فَوْقَهَا فَاسْتَأْسَدا
مِنْ رَاحَتَيَّ لِخَصْرِيَ المَحْرُوقِ مِنْ=ثَغْرٍ تَسَعَّرَ بِالشِّفَاهِ مُنَدِّدا
قُوْلِيْ بِرَبِّكِ مَا الَّذِيْ أَغْرَاكِ فِيْ=قَدَمَيَّ , سَاجِدَةً هُنَاكَ تَهَجُّدا
قُوْمِي انْهَضِيْ , مَا كُنْتُ رَبَّكِ تَارَةً=وَ دَعِيْهِمَا , مَا كُنْتُ - يَوْمًا - مَعْبَدا
لَيْلَى , كَفَاكِ المَكْرُ أَضْنَانِي الهَوَى=وَ غَدَا بِضِلْعِكِ مُسْتَقَرِّيَ سَرْمَدا
وَ تَثُوْرُ فِيَّ عَزِيْمَتِيْ طَوْرًا وَ طَوْ=رًا قَدْ تَخُوْرُ لِكَيْ تَثُوْرَ مُجَدَّدا
وَ يَدَاكِ تَلْتَصِقَانِ مِثْلُ فَرَاشَةٍ=سَقَطَتْ بِلَفْحِ النَّارِ - بِيَّ - تَوَقُّدا
وَ إِلَى حُقُولِ الثَّأْرِ فِي جَسَدِيْ تَمُدِّ=يْنَ اليَدَيِن وَ تَتْرُكِيْنِيْ مُجْهَدا
وَ إِلَى يَنَابِيْعِ الخُمُوْرِ أَمُدُّ ثَغْ=رِيَ - نَاهِدَيْكِ - فَتَأْسُرِيْنَ وَ أُفْتَدَى
وَ تُسَدِّدِيْنَ الرَّمْيَ مِنْ شَفَتَيْ=كِ , لَكِنَّ الرِّمَايَةَ مِنْ فَمِيْ , لَوْ سَدَّدا
فَلْتَعْلَمِيْ إِنِّيْ بِفِيْكِ سَأَبْتَدِيْ=مَا أَعْذَبَ الَأَنْدَاءَ رِيْقًا يُبْتَدا
لَكِنَّنِيْ لَنْ أَنْتَهِيْ حَتَّى أَصِيْ=رَ زَبَرْجَدًا , أَوْ تُصْبِحِيْنَ زُمُرُّدا
doPoem(0)



مررت على هذه العصماء لأول مرة وقرأتها مرارا وتكرارا ... وقرأت ردود الأخوة الذين مروا من هنا ووجدت أني متفقة مع الشاعر الحامدي فيما ذهب إليه وما ألمع له من أن تلك الصورتين الشعريتين حقا لم يحظى بها شاعر قبلك - فلله درك - واتفق مع رأي الشاعر الطنطاوي الحسيني ..
والله أيها الشاعر المبدع البليغ وبلا أي مجاملة لقد اختزلت مراحل الشعر كلها منذ العصر الجاهلي وحتى العصر الحاضر لا الحديث بشاعريتك كلها وليست في هذه القصيدة فقط
لقد جمعت عراقة وأصالة الأُول وغزارة الصور وبلاغتها في العصر الأخرى العباسية والأموية ثم رقة ورقراق الكلم وعذوبته في العصر الأندلسي وها أنت في العصر الحاضر تضم إلى ذلك كله الأناقة والتفرد والتجدد في الشعر..
لقد بلغت بنا حقا مشارف البيان وجعلتنا نطل على حدائقه الغناء من خلال ( طيف ) وإن كان الاسم في رأيي دون مستوى المسمى بما امتاز به من قوة السبك وروعة الإتقان وجلال النظم وجماله لغة واحساسا وصورة ..
والحق أنني قد ألجمني الجمال هنا لأول مرة فما عدت أقوى على البوح بما بحت به غير دعوة في ظهر الغيب أن يحفظ عليك الله هذه الملكة الجبارة وهذا الحس الشعري الشاهق في الرفاعة والسمو وهذه الرقة البالغة حد الفزع والتي نلمحها في جل قصائدك ..
بوركت أنفاسك الروحية وأنفاسك الشعرية
شكرا لك بحجم ما بلغت بنا .. شكرا على الإمتاع الحقيقي الذي أسكرنا هنا وبلغ بنا حد الثمالة
وفقك الله تعالى