صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: كل هذا الحب

  1. #1
    من مواضيعي

      افتراضي كل هذا الحب

      بدأ الرجل الشاب يحس بدوار، و غدت الدنيا تعتّم في عينيه في بعض الأحيان. كتم الأمر عن أمه كي لا تقلق ، وباح لخطيبته بمخاوفه ..
      ـ إنه الإرهاق لا شك في ذلك ! تقول مها بحنان ، فمهنتك مهنة المتاعب ، وأنت تبذل مجهودات عظمى في عملك . ولاتمنح لجسدك حقه في الراحة و الاستجمام .
      يحس فؤاد بالراحة و هو يتحدث إلى خطيبته ، فهي الأمل المضيء في حياته ، ويعود إلى بيته والفرحة ترفرف في صدره بعد أن يَعِدَ مها أنه سيأخذ إجازة لمدة أسبوع يقضيه معها بين أحضان الطبيعة الجميلة، لكن بعد أن ينتهي من محاورة الأديب الكبير أحمد الراوي ، لأنه تعب كثيرا كي يأخذ منه هذا الموعد.
      تستقبله والدته "زهور" بفرحة وتضمه بدفء
      ـ في الأيام القليلة الآفلة ، ساورني قلق لست أدري سببه ، وبدت لي الحياة كريهة و أنا أراك حزينا .. مشغول الذهن ، تقول الأم و هي تحس أنفاس الابن الحارة تلفح وجهها و الجيد.
      ـ إنها متاعب الشغل يا أمي ..يرد الابن وهو لا يزال يغمر وجهه بين حنايا الصدر.
      هذه المرأة كم يحبها . علمته عشق الحياة والأمل . وأبت أن ترتبط بأي رجل بعد زوجها جمال . ورغم حزنها الشديد عليه بعد مرض مفاجئ أودى بحياته خلال أسبوع واحد . لكن ابتسامتها لم تفارق ثغرها كلما ضمت ابنها بين دفات قلبها .
      كان فؤاد على أبواب سنته الثالثة حين رحل الأب الرؤوف ، ولم تتجاوز " زهور " عامها الخامس والعشرين ، فوهبته كل حياتها وجعلته فارس أيامها وحبها الوحيد ..
      ليلة سفر فؤاد ومها ، جلس الابن مع أمه جلسة حميمية، وباح لها بالأحاسيس الجميلة التي يحملها لمها ثم رجاها أن ترافقهما في هذه الرحلة التي ستكون ممتعة بلا شك . لكنها اعتذرت بلباقة وابتسامة مشرقة ، وأكدت له ارتباطها مع صديقتها منى في هذا اليوم بالذات .
      قام فؤاد من مكانه ، قبّل أمه على خديها قبلتين تعبقان بالمحبة . و همّ بالانصراف . لكنه تعثر في الطاولة الزجاجية أمامه وانكفأ على وجهه فصرخ صرخة مدوية
      ـ شبكة العين مصابة عند ابنك يا سيدتي !.. يقول الطبيب ، بعد أن فحص فؤادا فحصا شاملا ، ونظره ضعف كثيرا حتى غدا لا يرى إلا طيوفا
      ـ وما العمل الآن يا دكتور ؟ تتساءل الأم بهلع
      فيصارحها الطبيب بالحقيقة المفجعة : ـ إن المرض يغزو شبكية العين بسرعة مهولة يا سيدتي ! ثم يضيف :
      ـ في غضون ثلاثة أشهر على الأكثر سوف يصاب ابنك بالعمى التام ..إلا ..
      و يلمع الأمل خيطا رقيقا في قلب الأم فتقاطع الطبيب :
      ـ هل هناك أي رجاء في شفاء ولدي يا دكتور؟
      ـ أجل يا سيدتي! يرد الطبيب هذا إن وجدنا له عينا نزرعها بدل عينيه المريضتين ..
      يمر الشهر الأول و الثاني ، والأمل في الشفاء يضمحل وتسوء حال فؤاد بتوالي الدقائق والساعات ، يهجره الفرح ويبتعد عن الحياة والناس حتى مها أصبح يقسو عليها ويجرحها بكلامه وهو يطلب منها أن تبتعد عنه وتتركه ليواجه مصيره القاتم وحده . ـ أما "زهور " فلم تفارقها الابتسامة والأمل طوال هذه الأيام العسيرة . بل مافتئت تؤكد له بإصرار أن ما يمر به اختبار صعب لكن آخره فجر مشرق منير .
      ويصحو فؤاد ذات ضحى على رنات الهاتف ، ليحمل له الطبيب على الطرف الآخر من الخط مفاجأة سارة لم يصدقها فؤاد.
      ـ أبشر يابني ! يقول الطبيب ، سوف نجري لك العملية هذا اليوم ، لقد توفي أحد الرجال إثر حادثة سير ، وكان قد تبرع بكل أعضائه قبل ..لم يشعر فؤاد بدخول مها إلا حين أحس لمسة يدها على كتفه . أخبرته أن "زهورا" طلبت منها أن تأتي إليه لأنها مضطرة للغياب عن البيت بضعة أيام ..
      تمت العملية على ما يرام ولم تفارقه خطيبته طوال تلك الفترة . لكن رغم الفرحة الكبرى التي غمرت فؤادا بعد أن عاد إليه نور عينيه ، أحس بحزن عميق لأن والدتهبعيدة عنه..
      ـ أمي كانت تعلم أني سأجري العملية في ذلك اليوم يا دكتور! لذلك طلبت من مها أن تأتي إلي ، أليس كذلك ؟!
      ـ طبعا كانت تعرف ..أجاب الدكتور، و تمنت لو تستطيع مشاركتك حلمك..
      ـ وكيف تتخلى عني في محنتي ؟ ولا تشاركني فرحتي؟ ! يقول الأنين
      و تبدوالحسرة والذهول في عيني الابن و يشعر بغثيان فيخشى عليه الطبيب . يرأف بحاله و يبوح له بالسر الذي ائتمنته عليه الأم...
      ـ "زهور" منحته نور الحياة بعد أن تخلت له عن عينيها ورحلت بعيدا ...

    • #2
      من مواضيعي

        افتراضي

        جئت ألقى النظرة
        ولى عودة
        بعد الافاقة
        تحياتى
        هذا بعض منى http://alaaeisa.maktoobblog.com/

      • #3
        من مواضيعي

          افتراضي

          وها هي الام تضحي بكلها من أجل سعادة ابنها ..
          ما أروع قصتك يا بديعة ... مؤلمة ولكنها رائعة ...

          سلمت ودام قلمك المبدع

          لك ودي وتراتيل ورد

        • #4
          من مواضيعي

            افتراضي

            كل هذا الحب, قصة من النوع الانساني المدمر. عذبتني بحق.

            كل هذا الحب وأكثر وبرغم كوني خمنت النهاية إلا أن هذا لم يمنع انفعالي العميق معها.

            كل هذا الحب وكيف لا وهو حب الأم !

            كل الحب لكِ يا جميلتي

            يرعاكِ ربي أينما كنتِ
            الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

          • #5

          • #6

          • #7
            من مواضيعي

              افتراضي

              قصة أمومية واقعية ذات بعد إنساني

              لم تكن القفلة مباغتة ولا ملفتة

              دمت بخير

              تحاياي
              تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

            • #8
              الصورة الرمزية د. سمير العمري
              المؤسس
              مدير عام الملتقى
              رئيس رابطة الواحة الثقافية

              تاريخ التسجيل : Nov 2002
              الدولة : هنا بينكم
              العمر : 61
              المشاركات : 39,243
              المواضيع : 1127
              الردود : 39243
              المعدل اليومي : 4.68
              من مواضيعي

                افتراضي

                بعيدا عن مسألة زرع العيون طبيا فإن الرمز فيها يخدم الفكرة الإنسانية المؤثرة هنا.
                ونعم ، متى كان الحب صادقا متجرا فإن درجة العطاء لا حدود لها.

                بقي أن القص وحتى النص كان بحاجة لعناية أكثر.

                تقديري
                نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

              • #9
                الصورة الرمزية نداء غريب صبري
                شاعرة
                تاريخ التسجيل : Jul 2010
                الدولة : الشام
                المشاركات : 19,104
                المواضيع : 123
                الردود : 19104
                المعدل اليومي : 3.42
                من مواضيعي

                  افتراضي

                  إلى أين رحلت
                  هل انتحرت لتتمكن من وهبه عينيها؟
                  خصوصها وأن التبرع بالعين من حي لا يوافق عليه طبيا

                  قصة محزنة ومؤثرة

                  شكرا لك

                  بوركت
                  نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

                • #10
                  الصورة الرمزية آمال المصري
                  عضو الإدارة العليا
                  أمينة سر الإدارة
                  أديبة

                  تاريخ التسجيل : Jul 2008
                  الدولة : Egypt
                  المشاركات : 23,993
                  المواضيع : 418
                  الردود : 23993
                  المعدل اليومي : 3.80
                  من مواضيعي

                    افتراضي

                    كل هذا الحب ... لايقدر على منحه سوى الأم
                    نص جميل جميل بفكرته ولغته السلسة ونهايته المباغتة
                    بوركت واليراع أديبتنا الفاضلة
                    ومرحبا بك في واحتك
                    تحاياي
                    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

                  صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

                  المواضيع المتشابهه

                  1. ويُنشد كلّ هذا الكون ،، تأبيني
                    بواسطة عبدالحليم الطيطي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
                    مشاركات: 11
                    آخر مشاركة: 07-05-2023, 04:02 PM
                  2. مع كُلِ هذا ..... لا جديد
                    بواسطة حمزة محمد الهندي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
                    مشاركات: 24
                    آخر مشاركة: 11-03-2013, 06:14 PM
                  3. من هذا؟؟ هذا زميلي بالحامعة
                    بواسطة آسيا عبد الحق في المنتدى الاسْترَاحَةُ
                    مشاركات: 4
                    آخر مشاركة: 20-11-2008, 12:31 PM
                  4. نحن نجيبكم عن هذا السؤال المرعب: ما لون الحب ؟
                    بواسطة سمير الفيل في المنتدى الاسْترَاحَةُ
                    مشاركات: 41
                    آخر مشاركة: 24-05-2006, 12:39 AM
                  5. هذا الرجل ...........الذى عرف معنى الحب
                    بواسطة اميمة الشافعي في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
                    مشاركات: 25
                    آخر مشاركة: 26-12-2003, 08:55 PM