مَقَامُكِ عِنْدِي لا أَجَلُّ وَلا أَسْمَى وَقَدْرُكِ يَعْلُو فِي مَجَرَّتِهِ العُظْمَى
وَعَهْدُكِ مَوْصُولٌ وَطُهْرُكِ وَاصِلٌ وَفَجْرُكِ قَدْ أَهْدَى وَصُبْحِيَ قَدْ أَهْمَى
لَكِ القَلْبُ مَحْفُوفًا بِقَيْدِكِ هَانِئًا فَلا هِنْدَ فِي قَلْبِي سِوَاكِ وَلا سَلْمَى
أَرَى كُلَّ وُدٍّ بَعْدَ وُدِّكِ فَاتِرًا وَكُلَّ وَفَاءٍ فِي حَقِيْقَتِهِ وَهْمَا
فَوَجْهُكِ وَضَّاءُ وَثَغْرُكِ بَاسِمٌ وَعَقْلُكِ غَلابٌ وَلَحْظُكِ قَدْ أَصْمَى
وَقَلْبُكِ لِي السُّكْنَى وَرُوْحُكِ لِي الهَوَى وَهَمْسُكِ لِي النَّشْوَى وَبَسْمَتُكِ النُّعْمَى
أَتُوْقُ إِلَى رُوحِي وَأَشْكُو حُشَاشَتِي وَقَدْ قَدَّرَ المَوْلَى لِمَا وَصَلَتْ صَرْمَا
يَكَادُ حَنِيْنِي يَسْفِكُ البَيْنُ زَفْرَهُ فَيَا بُؤْسَ قَلْبِي كَمْ يَحِنُّ وَكَمْ يَدْمَى
كَأَنِّي أَرَى حَتْفِي إِذِ الشَّوْقُ هَزَّنِي بِرِعْشَةِ مَقْرُورٍ تَئِنُّ لَهُ الحُمَّى
إِلَى اللهِ أَشْكُو مَا أَرَى إِنَّ فِي السُّهَا حَنِينٌ إِلَى نَخْلِ المُرُوءَةِ أَنْ يُنْمَى
خَبَرْتُ بَنِي الدُّنْيَا فَكَانُوا ثَلاثَةً وَلَسْتُ أَرَانِي غَيْرَ مُنْصِفِهِمْ حُكْمَا
فَبَرٌّ كَرِيمٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِفٌ يُنَافِحُ دَأْبًا عِنْدَ عَثْرَتِكَ الظُلْمَا
وَغِرٌّ يُمَارِي القَوْمَ لا رَأْيَ عِنْدَهُ إِذَا مَدَحُوا أَوْمَا وَإِنْ قَدَحُوا أَوْمَا
وَشَرٌّ سَقِيمٌ يَأْكُلُ الحِقْدُ قَلْبَهُ وَإِنْ هُوَ لَمْ يُؤْذِ الصَّدِيقَ فَقَدْ هَمَّا
أَلا إِنَّ مَا يَلْقَى الكَرِيمُ مِنَ الأَذَى بَلاءٌ وَتَمْحِيصٌ لِيُعْلَمَ مَنْ أَسْمَى
هُمُومِي أَرَاهَا اليَّوْمَ قَدْ أَوْهَنَتْ يَدِي وَلَكِنْ شَدِيدُ الهَمِّ لا يُوْهِنُ العَزْمَا
يَحَارُ وَضِيعُ القَدْرِ فِي غَيْرِ هِمَّةٍ وَإِنَّ كَبِيرَ القَدْرِ مَنْ يَحْمِلُ الهَمَّا
وَيَعْدُو خَسِيسُ النَّفْسِ حِقْدًا عَلَى العُلا فَيَغْدُو كَمَا الكَلب الذِي يَنْبَحُ النَّجْمَا
تَمُرُّ اللَيَالِي مُثْقَلاتٍ عَلَى الوَرَى فَيَجْزَعُ مَنْ أَكْدَى وَيَصْبِرُ مَنْ أَكْمَى
خَلِيْلَيَّ مَا الإِنْسَانُ إِلا مَوَاقِفٌ تَبَدَّى أَمَامَ العَيْنِ كَالبَدْرِ إِذْ تَمَّا
يَرَاهُ بَصِيرُ الرُّوحِ نُورًا وَهَادِيًا وَيَنْظُرُ مَرْمُودٌ فَيَحْسَبُهُ زَعْمَا
تَخَالَفُ أَحْلامُ الرِّجَالِ وَتَلْتَقِي وَأَحْرَى بِطَبْعِ الحُرِّ أَنْ يُنْصِفَ الخَصْمَا
وَمَا يَرْتَقِي بِالقِزْمِ تَصْفِيقُ مَادِحٍ وَمَا يَزْدَرِي بِالقِرْمِ تَلْفِيقُ مَنْ ذَمَّا
إِلَيْكَ إِلَهِي أَشْتَكِي ظُلْمَ صَاحِبٍ تَشَّفَى بِمَيْتِ اللَحْمِ وَاسْتَمْرَأَ العَظْمَا
لَقَدْ سَئِمَتْ نَفْسِي نُفُوْسًا تَثَاقَلَتْ وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ لَنَا رُحْمَى
تَمَادَتْ فَأَبْدَتْ كُلَّ فَظٍّ وَفَاجِرٍ وَزَادَتْ لنَا جَهْلاً فَزِدْتُ لَهَا حِلْمَا
وَمَا مَنْطِقِي يَسْمُو عَنِ الرَّدِّ عَاجِزًا وَلَكِنْ لِسَانِي يَأْنَفُ الفُحْشَ وَالشَّتْمَا
لَعَمْرُكَ كَمْ تُزْرِي الوَقَاحَةُ بِالفَتَى وَكَمْ تَصِمُ الأَحْقَادُ صَاحِبَهَا وَصْمَا
وَفَيْتُ عُهُودِي مَا اسْتَطَعْتُ أَحِبَّتِي وَمَنْ قَدْ سَقَانِي مِنْ خِيَانَتِهِ سُمَّا
تَحَرَّيْتُ فِي الإِحْسَانِ جَهْدِي وَطَاقَتِي وَكُنْتُ إِذَا اهْتَمُّوا أَمُوتُ بِهِمْ هَمَّا
وَوَاللهِ مَا آسَى عَلَى مَا فَعَلْتُهُ وَلَكِنَّ جَوْرَ الصَّحْبِ يُحْدِثُ لِي غَمَّا
خَلِيْلَيَّ هَلْ فِي الكَوْنِ صِدْقٌ وَذِمَّةٌ تَرَى مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ أَصْوَبَهَا مَرْمَى
أَلا كَيْفَ يَهْدِي الدَّرْبُ لِلرُّشْدِ إِنْ هَدَى ضَرِيْرٌ وَمَكْفُوفٌ يَقُوْدُهُمَا أَعْمَى
وَلَوْلا وَفَاءُ المُكَرَمِيْنَ ذَوِي النُّهَى لَبَاتَ فُؤَادِي يَشْتَكِي بِالأَسَى العُقْمَا
وَكَمْ مِنْ يَدٍ تَمْتَدُّ بِالخَيْرِ فِي نَدَى فَتَكَفِيكَ عِنْدَ الحَاجَةِ البَذْلَ وَالحَزْمَا
وَمَاذَا يَقُولُ الشِّعْرُ إِنْ رَامَ مَدْحَهَا وَإِنْ قَامَ يَقْتَادُ النُّجُومَ لَهَا قَومَا
أَتَيْتُكَ يَا ابْنَ الفَضْلِ بِالحَرْفِ خَافِضًا لأَجْنِحَةِ العِرْفَانِ ، وَالوُدَّ قَدْ ضَمَّا
وَجِئْتُكَ يَا ابْنَ الحَقِّ بِالطَّرْفِ رَافِعًا وَقَدْرُكَ أَعْلَى أَشْكُرُ الرَّجُلَ الشَّهْمَا
أَرَى بِكُمَا الأَيَّامَ تَصْفُو لِشَارِبٍ سَقَتْهُ الخُطُوبُ المُرَّ مِنْ كَأْسِهَا لَمَّا
وَمَا يَسْلَمُ الإِنْسَانُ ذُو الجُهْدِ مِنْ أَذَى وَمَا يُطْفِئُ الشَّمْسَ الغَمَامُ إِذَا غَمَّا
وَلَيْسَ الذِي يُبْقِي عَلَى الوُدِّ مُخْلِصًا كَمَنْ لا يَصُونُ الوُدَّ وَالعَهْدَ وَالسِّلْمَا
إِلَيْكَ إِلَهِي أَرْفَعُ الكَفَّ ضَارِعًا فَإِنَّكَ حَسْبِي قَدْ أَحَطْتَ بِنَا عِلْمَا









