أهلا و سهلا بك أستاذي الفاضل محمد
دعني أولا أعتذر إليك و لباقي الكرام لتأخري في العودة لردودكم القيّمة
مرورك أعطى للموضوع ثقلا حماك الله بما جئتنا به من موضوعين قيمين
لقد قرأتهما و سأكون حيث ما كتبته عن بودلير و موضوعك الآخر عن الطابور الخامس بإذن الله
أ تدري أستاذي أنني لم أقرأ له يوما و لم أفكر أن أقرأ !
فمكتباتنا حافلة بأعلام عرب من الشعراء و الأدباء و الكتاب الذين أثروا ثقافتنا فما حاجتي لفكر الغرب و ما حاجتي لثقافتهم و هي غريبة عني ؟
هل أستبدل فكر نير بآخر عليل ؟ فكر أجدادي بفكر غريب طارئ ؟
عندما أقرأ لمن يدافعون عنه لا أجد كلاما مفهوما مقنعا مبنيا على أسس سليمة
لسنا ضد الحداثة أبدا و لكن فيما يفيد و يضيف زخما لأدب ما و ليس عندما يقزم أدبا أو يشوهه
أقرأ نصوصا أجد أن التلاعب وصل إلى النحو و لو اعترضت يأتيك الرد : هذا شعر حر ؛ يعني تحرر حتى من قواعد اللغة العربية
إذن طالما هو قد تحرر من ما يسمونها "قيود" الشعر و قواعد اللغة فهو إذن ما عاد أدبا عربيا
هناك نصوص جميلة جدا ما نسميه أدب الخواطر لم يحاولون التقليل من شأنه و ينزعج أحدهم لو قلت له هذه خاطرة مصرا أنه شاعر و أن نصه "قصيدة نثر" ؟
ثم هل باسم الحداثة صرت مجبرة ان أتقبل كلمات لا جمال بها و لا تخدم و الأدهى لو سألت عن المعنى صرت جاهلا و يجب أن تبلع و تهضم النص بدون أن تسأل ؟
أقرأ نصوصا قلب فيها جمع المذكر السالم إلى جمع تكسير و إضافة ما لا يضاف و لعب باللغة تماما كأنها قطع شطرنج يحركها الكاتب على هواه و عليك أن تسكت و لا تعترض و إلا فأنت تضع العصا في عجلة الحداثة أو ربما اتهمت أنك "مندسّ"
تخيل لو أني آتيك بقصيدة أقول فيها : دعسوقتي داست على ليل العجو= ز قميئة فسحبت ذيل هزيمتي
فتثبت لي القصيدة باسم الحداثة ثم تتوالى الردود ممجدة بقصيدتي و دعسوقتي ؛ أ ليس هذا اشتراكا من الجميع بتهديم الذائقة و الإساءة للغة و ضحك على ذقن القارئ ؟!
أنا لا أبالغ هنا أستاذي لأننا في قسم القلم الساخر و لكنني صدقا أقولها لك هناك نصوص لا ترقى للذائقة و بها ما بها مما تشمئز له النفس و لم توظف توظيفا جيدا لنقول مثلا خدمت الموضوع -كما ممكن أن يحدث في القصة مثلا -أجدها مثبتة في منتديات يفترض أنها ترعى الأدب و يمر طابور من المصفقين.
أنا إن ألوم من يكتب مثل هذه الطلاسم مرة فإنني ألوم من يمر بها و يثني و يجامل عشر مرات لأن هذا استخفاف و إساءة فيستمر أبو دعسوقة كل يوم يأتي لنا بنص لا ملامح له.
ثق أنهم يعلمون تماما أن ما يقولونه لا يرقى لقول شاعر.
تذكرت مرة سأل شاعر -في لقاء جانبي- أديبة مرت بنص مطلسم بعد أن مجدت به : "ماذا فهمت من النص أو ماذا أعجبك به ؟"
فأجابته : "لا شيء و لم أفهم منه شيئا و لكني وجدت الذين قبلي قد امتدحوه ففعلت مثلهم "![]()
هناك نقاشات عديدة حول جنس و أصل هذه النصوص لم أقرأ مرة ردا يقنعني و خصوصا عندما أواجههم بأنه أدب هجين بل غريب و طارئ و مستورد و ليس من أدبنا العربي فلا اسم من أعلامنا ممكن أن يستندوا إليه فتنهال علي الأسماء الأجنبية زخات زخات و كلها طبعا لا أعرفها و كلها لها ثقافة و بيئة غير ثقافتنا و بيئتنا و لن يرقى كل ما قدموه من نصوص مجتمعة لقيمة و جمال قصيدة واحدة من قصائد أي من أجدادنا الشعراء...
قلت : الشعب يريد إنهاء الفساد عن لسان كل قارئ لا يريد لأحد أن يفسد له ذائقته بنصوص لا تصلح للقراءة !
نكمل حديثنا بإذن الله عندما أكون في ضيافة السيد بودليرك
لك التحيات و التقدير و شكرا جزيلا لمرورك الطيب.