بَكيتُ و ناحَت في العِـراقِ حَمامَـةٌ أ يا جارةً هَل تَشعُريـنَ بحالـي ؟
فلي فِي عِراقِ الخَيرِ ذكرًى حزينـةٌ لهـا كُلَّمـا غابَـتْ شدَدْتُ رِحالـي
أئِنُّ و حُزني ماكِثٌ بَيـنَ أضلُعِـي على فَـقْدِ ضِرغـامٍ سَنامِ رِجـالِ
على وطنٍ كانَ الخُزامى رفيقَهُ و دِجلـةُ فَـيّاضًا بِسَـيـلِ زُلالِ
يَبيتُ و في عَينيـهِ ألـفُ حَضـارةٍ و تَغشـاهُ أمجـادٌ و سِـفْـرُ مَعالِ
و تَمرحُ في أفيائِـهِ الطيرُ و النَدى يُقبِّـلُـهُ جَهْـرًا و ليـسَ يُبـالـي
بقَلبي جِـراحٌ نازفـاتٌ و خِنجَـرٌ يُؤَرِّقُـهُ دَمْعـي و سَـوطُ سُؤالـي
عَضَضْتُ على جُرحي مُكابَرةً فَقـدْ أناخَ يَـهوذا فـي مَضـاربِ خـالِ
أ يا جارةً قولي : فمَن أمعَـنَ الأذَى بأرضِ المُثَنَّى غَيرُ أهْلِ رِغـالِ ؟!
ضِبـاعٌ و غِربـانٌ و نـابُ مَنيَّـةٍ تخَطَّفُ فُرسانًـا و طَـودَ جِبـالِ
سَلِيْهُم لِمَ الأسيافُ مَغمودةٌ، و مَـنْ تآمَـرَ فاحتُلَّـتْ حِيـاضُ عِقـالِ ؟
سَلي مَنْ أبادَ الصُّبْحَ و اغتالَ دَوحَتي و جَفَّفَ بِئـري و استَحَـلَّ ظِلالـي
و مَن رَقصَتْ حَولَ الأُسُودِ كلابُهُـم و مَنْ شَنقوا شَمسًـا بكَـومِ حِبـالِ
أ يُصلَـبُ صِنديـدٌ سَليـلُ مُحَمَّـدٍ و يُنصَرُ دَيُّوثٌ سَليـلُ ضَـلالِ ؟!
و تُقتَـلُ نَخـلاتٌ بِغَيـرِ جَريـرَةٍ و يَحكمُ أفَّـاقٌ بِأَمْـرِ "مَلالـي" ؟!
و قولـي لِمَـنْ زُورًا أَدانَ خيولَنـا و مَن خانَ خُبزًا و استباحَ سِلالـي
تَركتَ عِراقَ الصِيْدِ في مِخلبِ الردى و يَنهَـشُ لَحمِـي غـادِرٌ و مُغـالِ
فمِن دُبُـرٍ قَـدَّت زُليخـا قَميصَنـا و مِن قُبُـلٍ قَـدَّت ذئابُـكَ شالـي
أ يا حُـرَّةً قِـرِّي فُـؤادًا فنَصْـرُنا يُـراوِدُهُ فَجْــرٌ و أُسْـدُ نِـزالِ
فلا غدرُهُم أودى بطِيْـبِ مَرابِـعي و لا أخْـمَدَ الأعْـداءُ نارَ دلا لِي
ستصهلُ خيلُ القادِسِيَّـاتِ في الوَغى و يَــعلو بِواديْــنا أذانُ بِـلالِ
فيَسجُـدُ مَأسـورٌ و تَشـدو طليقَـةٌ و يَهربُ مَأفـونٌ قَبيـحُ خِصـالِ





